شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب النكاح

صفحة 61 - الجزء 3

  وفي حديثه عن علي #: (لا نكاح إلا بولي وشاهدين، ليس بالدرهم والدرهمين ولا اليوم ولا اليومين شبه السفاح، ولا شرط في نكاح)⁣(⁣١).

  فإن قيل: ففي هذه الأخبار ما يدل على الضعف والاضطراب، وذلك أن في بعضها أنها نسخت يوم خيبر، وفي بعضها أنها أبيحت يوم فتح مكة ثم نسخت، وكان خيبر قبل الفتح بمدة، وإذا حصل هذا الضرب من الاضطراب لم يصح التعلق بها.

  قيل له: هذا الذي ذكرتموه لا يدل على الاضطراب والضعف؛ لأنه جائز أن يكون نسخت يوم خيبر على ما رواه علي # وغيره ثم أبيحت بعد ذلك يوم فتح مكة، إما إباحة عامة، وإما لقوم بأعيانهم، ثم نسخت، وإذا كان هذا جائزاً فلا يجب ضعف الأخبار.

  فإن قيل: فإن إباحة المتعة معلومة، والنسخ إنما هو بخبر الواحد، ولا يجب نسخ المعلوم بخبر الواحد كما لا يجب نسخ القرآن به.

  قيل له: الأصل في خبر الواحد أنه مقبول إذا سلم سنده، ولا يمتنع أن ينسخ به ما هو معلوم، ألا ترى أنا نقبل خبر الواحد في إباحة ما حظره العقل، وفي حظر ما أباحه، وكذلك نقبله في استباحة الفروج مع أن حظرها معلوم على الجملة شرعاً؟ فإذا ثبت هذا لم يمتنع ما قلنا.

  فأما نسخ القرآن بخبر الواحد فلسنا نمنع منه عقلاً، وإنما نمنع منه لدلالة شرعية، ألا ترى أن من الناس مَن لا ينسخه بالخبر المتواتر، وأنا نقبل خبر الواحد في تخصيص القرآن، ومن طريق الاعتبار لا فرق⁣(⁣٢) بين التخصيص والنسخ، وإنما الفاصل بينهما الشرع. على أنه لا خلاف بيننا وبين الإمامية في أن المسح على الخفين منسوخ، وثبوت المسح في الأصل معلوم، ونسخه إنما هو


(١) مجموع الإمام زيد بن علي # (٢١١).

(٢) في (ج): فصل.