كتاب النكاح
  سنين يصح أن يلحق بالأول عندنا، فلم تكن العلة غير ما ذكرنا، ألا ترى أنها لو أتت به لأقل من ستة أشهر منذ دخل بها الثاني لم يلحق به؟ ويقوى هذا القياس بما نذكره، وهو مما يصح أن يجعل ابتداء الاستدلال في المسألة، وذلك أنا قد اتفقنا على أنه لا بد من أن يلحق بأحد الفراشين، أعني فراش الأول أو فراش الثاني، فوجب أن يراعى أقوى الفراشين، وقد علمنا أن فراش الثاني أقوى من فراش الأول بوجهين:
  أحدهما: أن الأول والثاني لو تجاحدا لكان تكون البينة على الأول، واليمين على الثاني، وقد علمنا في الأصول أن اليمين أبداً تلزم في الجانب القوي، ألا ترى أن من ادعى شيئاً في يد إنسان فأنكره المدعَى عليه تلزم اليمين المنكر؛ لأنه أقوى؛ لكون الشيء في يده، وكذلك من ادعى حقاً على آخر فأنكر تلزم اليمين المنكر؛ لأنه أقوى؛ لاستناده إلى براءة الذمة، وكذلك لو ادعى حقاً على الآخر فقال المدعَى عليه: قد وفيتك حقك رجعت اليمين على المدعي؛ لأنه قد صار أقوى؛ لثبوت ما ادعاه بإقرار المدعى عليه؟ فبان بما بيناه أن فراش الثاني يجب أن يكون أقوى.
  فإن قيل: أليس لو ثبت ملك المدعي والمدعى عليه في الشيء الذي هو في يد المدعى عليه كان الواجب أن يقسم بينهما ولم تراعَ فيه قوة من الشيء في يده؟
  قيل له: لأنا(١) لا نحوج فيه إلى مراعاة قوة أحد الملكين؛ لجواز قسمته بينهما، وليس كذلك الولد في هذه المسألة. على أنا قد اتفقنا على أنه لا بد من أن يلحق بأحدهما، فوجب أن تراعى قوة سببهما.
  والوجه الثاني الذي يبين أن فراش الثاني أقوى وأولى أن يلحق الولد به: أنه متجدد، والأمر المتجدد أولى أن يتعلق(٢) به الحكم المتجدد من الأمر الباقي؛
(١) في (د): قيل له: لا لأنا.
(٢) في (ج) ونسخة في (أ): يعلق.