باب القول فيما يصح أو يفسد من النكاح
  والدليل على صحة ما ذهبنا إليه ما رويناه عن علي # أنه قضى بذلك بمحضر من الصحابة، وقال عمر فيما خالفه من ذلك: ردوا الجهالات إلى السنة، ورجع إلى قوله، والدليل في هذا الخبر من ثلاثة أوجه:
  أحدهما: أنا نذهب إلى أن قضاء أمير المؤمنين # حجة، وأنه يجب أن يتبع ولا يجوز أن يخالف.
  والثاني: أنه قضى به في مشهد من الصحابة، وأخذ به عمر، ولم ينقل فيه خلاف، فصار ذلك إجماعاً.
  والثالث: قول عمر: «ردوا الجهالات إلى السنة» فدل ذلك على أن ما قضى به علي # كان سنة، وهذا يجري مجرى الرواية عن النبي ÷.
  وروى أيضاً هناد بإسناده عن الحكم قال: قال علي # في امرأة تزوجت في عدتها: (تعتد العدتين جميعاً، تفرق(١) بينهما، فتعتد من الأول، ثم تعتد من الآخر) قال: وأمرها عمر بعدتين، ورجع إلى قول علي # في المهر، وفي أنَّ له أن يخطبها بعد ذلك.
  ومما يدل على وجوب العدتين: أنهما حقان لنفسين يصح انفراد كل واحد منهما عن صاحبه، فوجب ألا يتداخلا، دليله سائر الحقوق، ويكشف أن العدة حق للزوج قول الله تعالى: {يَٰأَيُّهَا اَ۬لذِينَ ءَامَنُواْ إِذَا نَكَحْتُمُ اُ۬لْمُؤْمِنَٰتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ ...} الآية [الأحزاب: ٤٩] فبين أن العدة إذا وجبت كانت للزوج. ويبين ذلك أن الزنا لما لم يتعلق به حق الزوج لم تجب عنه العدة، والوطء سواء كان عن نكاح صحيح أو عن شبهة لما تعلق به حق الزوج وجبت العدة، فبان أن وجوبها لحق الزوج.
  فإن قيل: لو كان حقاً له لكان يصح منه إسقاطه.
(١) في (د): فتفرق.