كتاب النكاح
  فإن قيل: يجب الابتداء ببقية عدة الأول؛ لأنها وجبت قبل عدة الثاني.
  قيل له: هذا منتقض بالصلاتين اللتين ذكرناهما.
  فإن قيل: فعدة الأول عدة نكاح صحيح فوجب أن تكون أقوى.
  قيل له: هذا لا يمنع ما ذكرناه؛ لأن العدتين قد وجبتا، ولا مزية في باب الوجوب لإحداهما على الأخرى، ولا معتبر باختلاف أحوال الموجب في عامة الأصول. على أن الموجب للعدة حصول الفراش في الموضعين، وقد بينا أن فراش الثاني أقوى من فراش الأول في المسألة التي تقدمت هذه.
  فإن قيل: فقد رويتم أن علياً # قال: (تتم عدة الأول ثم تستقبل عدة الثاني) وهذا خلاف مذهبكم.
  قيل له: لا يمتنع أنه قال: (ثم تستقبل عدة الثاني) وأراد به وتستقبل عدة الثاني، فيكون وضع ثم موضع الواو، وهذا غير ممتنع، وعلى هذا تأولنا قوله سبحانه: {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُۥ وَقُرْءَانَهُۥۖ ١٦ فَإِذَا قَرَأْنَٰهُ فَاتَّبِعْ قُرْءَانَهُۥ ١٧ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُۥۖ ١٨}[القيامة] حين منعنا جواز تأخير البيان.
  فإن قيل: فظاهر قوله يقتضي ما ذهبنا إليه.
  قيل له: لا يمتنع ذلك، ولكنا انصرفنا عن الظاهر بالاعتبار الذي ذكرناه، كما انصرفنا عن ظاهر قوله: {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُۥۖ ١٨} للدلالة.
  وقلنا: إنها إذا خرجت من العدتين تزوجت أيهما شاءت لأنه لا مانع من ذلك، وقال الله تعالى: {وَأَحَلَّ لَكُم مَّا وَرَآءَ ذَٰلِكُمْ}[النساء: ٢٤] وقال ø: {فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ اَ۬لنِّسَآءِ}[النساء: ٣] ولأنه قول علي #، وروي أن عمر رجع إلى قوله.
  وعند الإمامية أنها لا تتزوج من تزوج بها معتدة، وحكي ذلك عن مالك.