باب القول فيما يصح أو يفسد من النكاح
  إلا بإذنها»(١)، وقوله: «الأيم أحق بنفسها من وليها»، ولئلا يقع التشاجر والتحاكم.
  وما حكيناه من الجملة يشتمل على موضعين من الخلاف: أحدهما: أن البالغة تستوي حالها مع البكارة والثيوبة، وهذا مما نبينه بعد هذا الموضع. والثاني: جواز النكاح الموقوف، والكلام فيه يختص هذا الموضع، وأجاز النكاح الموقوف أبو حنيفة ومحمد، وبه قال أبو يوسف، وأباه الناصر # والشافعي.
  والأصل فيه: ما رواه أبو داود في السنن عن عثمان بن أبي شيبة، قال: حدثنا حسين بن محمد، قال: حدثنا جرير بن حازم، عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس: أن جارية بكراً أتت النبي ÷ فذكرت أن أباها زوجها وهي كارهة، فخيرها النبي ÷(٢). فدل ذلك على جواز النكاح الموقوف؛ لأن التخيير لا يكون إلا مع حصول العقد ووقوعه.
  أخبرنا بهذا الحديث أبو بكر المقري، قال: حدثنا الطحاوي، قال: حدثنا أبو أمية ومحمد بن علي بن داود، قالا: حدثنا الحسين بن محمد المروزي، قال: أخبرنا جرير بن حازم، عن أيوب السختياني، عن عكرمة، عن ابن عباس ... الحديث.
  وروى أبو بكر الجصاص بإسناده في شرح المختصر عن محمد بن عبدالرحمن بن البيلماني، عن أبيه، عن ابن عمر قال: كان النبي ÷ ينزع النساء من أزواجهن ثيبات كن أو أبكاراً إذا كرهن ذلك بعد ما(٣) يزوجهن آباؤهن وإخوانهن(٤).
  فدل ذلك على ثبوت النكاح الموقوف؛ لأنه أثبت الزوجية بقوله: ينزع النساء
(١) سنن أبي داود (٢/ ٩٧).
(٢) سنن أبي داود (٢/ ٩٨).
(٣) في (د): بعد أن.
(٤) شرح مختصر الطحاوي (٤/ ٢٨٢).