شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب النكاح

صفحة 77 - الجزء 3

  من أزواجهن، ودل أيضاً على ذلك بقوله: إذا كرهن بعد ما⁣(⁣١) يزوجهن آباؤهن وإخوانهن؛ لأنه بين أن نزعهن يكون⁣(⁣٢) لأجل كراهتهن؛ لأنه لو كان لفساد العقد لم يعلقه بكراهتهن، ولقال: لفساد العقد. وبين أن حكم الآباء والإخوة في هذا الباب سواء، فصح في ذلك ما ذهبنا إليه.

  وروي عن أبي بردة⁣(⁣٣) عن عائشة قالت: جاءت فتاة إلى النبي ÷ فقالت: يا رسول الله، إن أبي - ونعم الأب - زوجني ابن أخيه يرفع خسيسته، قالت: فجعل الأمر إليها، فقالت: فإني أجزت ما صنع أبي، لكني أردت أن تعلم النساء أن ليس إلى الآباء من الأمر شيء⁣(⁣٤).

  فجعلُه ÷ الأمر إليها دالٌّ على أن النكاح كان موقوفاً على إذنها، وقولها: «أجزت ما صنع أبي» بحضرة رسول الله ÷ مع مقارته إياها على ذلك يدل على أن الإجازة تلحق العقد المتقدم. ولا يجوز أن يحمل قولها: «أجزت ما صنع أبي» على أنها كانت أجازت قبل العقد؛ لأنه لا وجه لأن تجيز ثم تأتي النبي ÷ تشكوه؛ ولأنها قالت ذلك بعد ما جعل النبي ÷ الأمر إليها في ذلك، ولو كانت الإجازة متقدمة لم يكن ليجعل ÷ الأمر إليها.

  ويمكن التعلق لصحة جواز⁣(⁣٥) النكاح الموقوف بقوله تعالى: {وَأَنكِحُواْ اُ۬لْأَيَٰمَيٰ مِنكُمْ}⁣[النور: ٣٢].

  وفي حديث زيد بن علي عن أبيه عن جده عن علي # أن رجلاً أتاه فقال: إن عبدي تزوج بغير إذني، فقال له #: (فرق بينهما)، فقال السيد لعبده:


(١) في (د): بعد أن.

(٢) في (د): أن نزعهن من أزواجهن كان يكون ... إلخ.

(٣) في كتب الحديث: ابن بريدة.

(٤) أخرجه أحمد في المسند (٤١/ ٤٩٢) والنسائي (٦/ ٨٦).

(٥) كذا في المخطوطات.