كتاب النكاح
  من أزواجهن، ودل أيضاً على ذلك بقوله: إذا كرهن بعد ما(١) يزوجهن آباؤهن وإخوانهن؛ لأنه بين أن نزعهن يكون(٢) لأجل كراهتهن؛ لأنه لو كان لفساد العقد لم يعلقه بكراهتهن، ولقال: لفساد العقد. وبين أن حكم الآباء والإخوة في هذا الباب سواء، فصح في ذلك ما ذهبنا إليه.
  وروي عن أبي بردة(٣) عن عائشة قالت: جاءت فتاة إلى النبي ÷ فقالت: يا رسول الله، إن أبي - ونعم الأب - زوجني ابن أخيه يرفع خسيسته، قالت: فجعل الأمر إليها، فقالت: فإني أجزت ما صنع أبي، لكني أردت أن تعلم النساء أن ليس إلى الآباء من الأمر شيء(٤).
  فجعلُه ÷ الأمر إليها دالٌّ على أن النكاح كان موقوفاً على إذنها، وقولها: «أجزت ما صنع أبي» بحضرة رسول الله ÷ مع مقارته إياها على ذلك يدل على أن الإجازة تلحق العقد المتقدم. ولا يجوز أن يحمل قولها: «أجزت ما صنع أبي» على أنها كانت أجازت قبل العقد؛ لأنه لا وجه لأن تجيز ثم تأتي النبي ÷ تشكوه؛ ولأنها قالت ذلك بعد ما جعل النبي ÷ الأمر إليها في ذلك، ولو كانت الإجازة متقدمة لم يكن ليجعل ÷ الأمر إليها.
  ويمكن التعلق لصحة جواز(٥) النكاح الموقوف بقوله تعالى: {وَأَنكِحُواْ اُ۬لْأَيَٰمَيٰ مِنكُمْ}[النور: ٣٢].
  وفي حديث زيد بن علي عن أبيه عن جده عن علي # أن رجلاً أتاه فقال: إن عبدي تزوج بغير إذني، فقال له #: (فرق بينهما)، فقال السيد لعبده:
(١) في (د): بعد أن.
(٢) في (د): أن نزعهن من أزواجهن كان يكون ... إلخ.
(٣) في كتب الحديث: ابن بريدة.
(٤) أخرجه أحمد في المسند (٤١/ ٤٩٢) والنسائي (٦/ ٨٦).
(٥) كذا في المخطوطات.