باب القول فيما يصح أو يفسد من النكاح
  مُشْرِكَةٗ}[النور: ٣] على أن الوطء زنا، وجعل الفائدة في ذلك إخراجهما من سمة الإيمان، كما قال ÷: «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن»(١)، وذلك صحيح؛ لأن الزنا أكثر ما فيه أنه فسق، والفسوق لا يمنع النكاح، سواء طرأ على النكاح أو طرأ النكاح عليه، وقال ÷: «الحرام لا يحرم الحلال».
  فأما الحديث الذي رواه أبو داود في السنن بإسناده عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، أن مرثد بن أبي مرثد الغنوي قال: قلت: يا رسول الله، أنكحُ عناقاً، وكانت بغيَّ مكة؟ قال: فسكت عني رسول الله ÷، ونزلت: {اَ۬لزَّانِے لَا يَنكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةٗ وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٞۖ} فدعاني فقرأها عليّ، وقال: «لا تنكحها»(٢). وكذلك ما رواه أبو داود في السنن بإسناده عن عمرو بن شعيب عن سعيد المقبري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ÷: «لا ينكح الزاني المجلود إلا مثله»(٣) فإنه يمكن حملهما(٤) على الكراهة. فأما بعد التوبة فلا إشكال(٥) فيه.
مسألة: [في نكاح الخصي]
  قال: ولا بأس بنكاح الخصي إذا رضيت به المرأة.
  وهذا منصوص عليه في الأحكام(٦)، ولا خلاف فيه، وقد قال تعالى: {فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ اَ۬لنِّسَآءِ}[النساء: ٣] ولأن الحظ فيه مقصور عليها، فإذا رضيت فلا مانع.
(١) أخرجه المرشد بالله في الخميسية (١/ ٤٠) وأبو طالب في الأمالي (٥٤٥) والبخاري (٣/ ١٣٦) ومسلم (١/ ٧٦).
(٢) سنن أبي داود (٢/ ٨٦، ٨٧).
(٣) سنن أبي داود (٢/ ٨٧).
(٤) في (ج، د): حملها.
(٥) في (أ): فلا شك. وفي (ج): فلا أشك. وفي نسخة في (أ): فلا إشكال.
(٦) الأحكام (١/ ٣٦٨).