باب القول فيما يصح أو يفسد من النكاح
مسألة: [في تزويج بعض الأولياء للمرأة ولها ولي أولى بتزويجها منه]
  قال: وإذا زوج المرأة بعض الأولياء ولها ولي أولى بنكاحها منه لم يجز، فإن أجازه الولي جاز، ولا يكون سكوته إجازة، فإن طلب صداقها كان ذلك إجازة.
  وهذا منصوص عليه في المنتخب(١)، ونص أيضاً في الأحكام(٢) على أن تزويج الأبعد بغير إذن الأقرب من الأولياء لا يجوز.
  ووجه ما قلناه من أنه إذا زوجها بعض الأولياء ولها ولي أولى بإنكاحها أنه لا يجوز: ما ثبت من أنه لا نكاح إلا بولي، ولا خلاف أن لا ولاية للأخ مع الأب في الصغيرة، فقلنا: إن المرأة متى كان لها ولي أولى بإنكاحها صار الأبعد في حكم من ليس بولي؛ فلذلك قلنا: إن إنكاحه لا يجوز.
  وقلنا: إن أجازه الولي جاز لما قد بينا أن النكاح الموقوف جائز، وأن الإجازة تلحقه، وقد مضى الكلام فيه.
  وقلنا: إن سكوته لا يكون إجازة لأن السكوت إنما يكون له حكم في الأمر المنبرم الذي يكون للإنسان فيه الخيار في وجه من الوجوه في وقت أو حال بعينه، فإذا مضى ذلك ولم يختر بطل خياره، كما في الشفعة، وبيع الخيار، فأما الأمر الذي لا يكون انبرم بعدُ وكان كمال انبرامه موقوفاً على رضا غيره فلا بد من أن يظهر من ذلك الغير ما يدل على الرضا من النطق أو ما يقوم مقامه، ألا ترى أن الثيب لا يكون سكوتها رضا لما(٣) كان العقد لا ينبرم إلا برضاها؟ فكذلك الولي.
  فإن قيل: فقد علمنا أن البكر كالثيب عندكم في أن العقد لا يتم إلا برضاها، ومع هذا فقد قلتم: إن سكوتها يكون رضاً.
(١) المنتخب (٢٤٠).
(٢) الأحكام (١/ ٣١٦).
(٣) في المخطوطات: كما.