باب القول في ذكر الأولياء
  قيل له: لأن الولاية إذا زالت صارت حقاً لغير من زالت عنه، وليس كذلك التصرف في المال، ألا ترى أن امرأة لو كان لها أب وأخ فجن الأب أو مات صارت الولاية للأخ ولم يصر حق التصرف إلى الأخ؟ فإذا ثبت ذلك فالولاية منقطعة عن الأب بموته فلا تجوز لمن يقوم مقامه. على أن التصرف في المال ليس بحق للأب، وإنما هو حق للولد، وليس كذلك ولاية النكاح؛ لأنها حق الأولياء، فلا يحصل هذا الحق لمن لا حظ له في الولاية.
  فإن قيل: أليس وكيل الأب يزوج؟ فما أنكرتم أن يكون وصي الأب يزوج؟
  قيل له: لأن الوكيل معبر عن غيره، وليس كذلك الوصي، ألا ترى أن الموكل إذا مات بطلت وكالة الوكيل؟ وليس كذلك الوصية، لأنها لا تستقر إلا بعد موت الموصي.
  ويدل على ذلك: أنه قد ثبت أن الولاية حق للأولياء؛ بدلالة قوله ÷: «الأيم أحق بنفسها في غير كفء»(١).
  ولما ثبت عندنا أن الكبيرة مع صحة تصرفها في سائر حقوقها لا يصح تصرفها في ولاية النكاح من دون الأولياء، فإذا ثبت ذلك وجب ألا يصح تصرف الوصي كما لا يصح تصرفه بحقوق الورثة الكبار، والعلة أنه حق بالغ رشيد فوجب ألا يصح تصرف الوصي فيه.
  ويؤكد ذلك أن الوصي لا غضاضة عليه فيما يكون من المرأة من وضعها نفسها في غير كفء، وليست له الولاية العامة، ولا التعصيب، فوجب ألا يجوز إنكاحه كسائر الأجانب.
  فإن قيل: أليس يحيى # أجاز نكاح الوصي في كتاب الوصايا من الأحكام(٢)؟
(١) كذا في المخطوطات.
(٢) الأحكام (٢/ ٣٣٦).