شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في ذكر الأولياء

صفحة 113 - الجزء 3

  ولايتنا مقصورة علينا.

  وقلنا: إن الكافر لا يكون ولياً للمسلمة في السفر لأنه لا يؤمن عليها، ولا يوثق بدينه.

  وقلنا: العبد لا ولاية له لأنه لا يلي نفسه، فوجب ألا يلي غيره، كالصغار والمجانين، ولأنه لا سهم له في الغنيمة ولا يقلد القضاء فأشبه الصغير. وكذلك المكاتب والمدبر للوجه الذي ذكرناه.

  فإن قيل: فالمكاتب يتصرف.

  قيل له: تصرفه يجري مجرى تصرف العبد المأذون له في التجارة؛ لأنه لا يلي نفسه، على أنا قد بينا أن الولاية مقصورة على التعصيب، فأوجب ذلك صحة ما قلناه في ولاية المسلم والكافر والعبد؛ لأنه لا تعصيب لهم.

  وأما ذوو الأرحام فقد قال أبو حنيفة: إنهم يكونون أولياء إذا لم يكن هناك عصبة موجودة. وما بيناه من أن الولاية مقصورة على التعصيب يوجب أن ذوي الأرحام لا ولاية لهم، وأنهم بمنزلة الأجانب.

  فإن قيل: فقد قال الله تعالى: {وَأُوْلُواْ اُ۬لْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَيٰ بِبَعْضٖ}⁣[الأنفال: ٧٥].

  قيل له: حكي عن المفسرين أنها نزلت في معنى الميراث، وذلك أنه روي أن المسلمين كانوا يتوارثون بالهجرة؛ لقول الله تعالى: {وَالذِينَ ءَامَنُواْ وَلَمْ يُهَاجِرُواْ مَا لَكُم مِّنْ وَّلَٰيَتِهِم مِّن شَےْءٍ حَتَّيٰ يُهَاجِرُواْۖ}⁣[الأنفال: ٧٢] فنسخت هذه الآية وهذا الحكم بقوله تعالى: {وَأُوْلُواْ اُ۬لْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَيٰ بِبَعْضٖ}⁣(⁣١).

  على أنا لا نمتنع أن نقول: إن ذوي الأرحام أولى من سائر المسلمين على طريق الاستحباب إذا لم يكن أحد من الأولياء وصارت ولايتها إلى جميع المسلمين، فتحمل الآية على ذلك.


(١) أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (١٤/ ٨٢) عن قتادة.