شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في شهادة النكاح

صفحة 128 - الجزء 3

  وقلنا: إن التهمة لو توجهت إليهما⁣(⁣١) استبحث عن حالهما استحباباً للاحتياط، ولم نوجبه؛ إذ لا وجه له؛ لأن التهمة لا توجب إزالة ما أوجبه إقرارهما.

مسألة: [في الرجل يدعي نكاح امرأة فتنكر أو العكس]

  قال: ولو أن رجلاً ادعى نكاح امرأة فأنكرت المرأة كان على الرجل البينة، وعلى المرأة اليمين، وكذلك إن ادعت المرأة النكاح وأنكر الرجل.

  وهذا منصوص عليه في الأحكام⁣(⁣٢)، وهو قول أبي يوسف ومحمد والشافعي، وقال أبو حنيفة: لا يحلف المنكر للنكاح.

  والأصل في ذلك: قول النبي ÷: «البينة على المدعي واليمين على المنكر» فاقتضى الظاهر أن كل مدعى عليه تلزمه اليمين كما أن كل مدع تلزمه البينة، سواء كانت الدعوى في النكاح أو في غيره.

  وروي أن النبي ÷ حلف ركانة حين طلق امرأته البتة⁣(⁣٣)، فدل ذلك على أن لليمين مدخلاً في الطلاق، وإذا ثبت ذلك في الطلاق ثبت في النكاح والرجعة والولاء والنسب؛ إذ لم يفرق أحد بين هذه الأشياء. ولا خلاف أن من ادعي عليه مال أو حق من شفعة أو بيع أو قصاص لزمته اليمين، فكذلك النكاح وسائر ما اختلفنا فيه، والمعنى أنه حق لآدمي له مطالب معين، أو لأنه مما⁣(⁣٤) تقبل فيه شهادة النساء، فوجب أن تلزم فيه اليمين.

  فإن قيل: هذا الذي ذكرتموه ثانياً لا يصح؛ لأن القصاص لا تقبل فيه شهادة النساء، ومع ذلك تجب فيه اليمين.


(١) في (د): عليهما.

(٢) الأحكام (١/ ٣٤٢).

(٣) أخرجه أبو داود (٢/ ١٢٩) وابن ماجه (١/ ٦٦١).

(٤) في (أ، ج): فيما.