شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في شهادة النكاح

صفحة 129 - الجزء 3

  قيل له: لا يفسد القياس؛ لأنه إثبات الحكم بغير العلة التي ذكرناها، ومثل هذا لا يمنع.

  فإن قيل: هذه الأمور⁣(⁣١) مما لا يصح بذله من جهة الحكم⁣(⁣٢)، والنكول بذل، فلا يصح أخذه بالنكول، وإذا لم يصح أخذه بالنكول⁣(⁣٣) بان أنه لا تلزمه اليمين؛ لأن اليمين لو لزمت لكانت لا تسقط رأساً، ولكان⁣(⁣٤) النكول يؤخذ به.

  قيل له: قد علمنا أن لزوم اليمين للمدعى عليه آكد في الشريعة من الأخذ بالنكول؛ لأن لزومه⁣(⁣٥) اليمين نص ومجمع عليه، والحكم بالنكول طريقه الاجتهاد، فعلى هذا كان الأولى على ما ذهبتم إليه أن تلزموه اليمين، فإن أسقطتم الحق بالنكول فلا وجه لإسقاط لزوم اليمين مع تأكده في الشرع بسقوط النكول الذي هو تعرض الاجتهاد⁣(⁣٦).

  فإن قيل: نحن وجدنا اليمين تسقط في مواضع بالاتفاق، كمن يدعى عليه شرب الخمر أو الزنا⁣(⁣٧) ونحوهما، ولم نجد في أصولنا النكول يسقط في شيء من


(١) في (ج) ونسخة في (أ): هذا في هذه الأمور.

(٢) في (أ): «النكول» نسخة.

(*) ومعنى قولنا: إنه لا يصح بذله من طريق الحكم أن رجلاً لو سرق فقال للمسروق منه: اقطع يدي فقطعها لم يكن هذا حداً، وكذا لو قذفه فقال: اجلدني فجلده لم يكن ذلك حداً، وكان له أن يطالب عند الحاكم بحده. ولو وجب له قبله قصاص في اليد فقال: اقطع يدي فقطعها كان مستوفياً لحقه من القصاص، فهذا معنى قولنا: إنه لا يصح بذله من جهة الحكم أو يصح. (شرح مختصر الطحاوي ٨/ ٩٤).

(٣) لفظ شرح مختصر الطحاوي (٨/ ٩٢): وإذا لم يؤخذ بالنكول لم يصح الاستحلاف عليه؛ لأنه يمكنه أن ينكل ولا يلزم به شيء، فلا تكون اليمين حينئذ حقاً للمدعي؛ لأنها لو كانت حقاً له لم يصح له إسقاطها عن نفسه بغير حق يلزمه، فثبت أن ما لا يصح أخذه بالنكول لا يستحلف عليه.

(٤) في (أ): ولو كان.

(٥) في المطبوع: لزوم.

(٦) في (د): للاجتهاد. وفي المطبوع: الذي هو يعترض الاجتهاد.

(٧) في (د): والزنا.