شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في المهور

صفحة 150 - الجزء 3

  كانت الجهالة التي في مهر المثل دون جهالة المسمى فالرجوع إلى مهر المثل أولى، ولهذا الضرب من الاعتبار قلنا: إن المملوك لو لم تضبطه⁣(⁣١) صفته جاز.

  وقلنا: إن لها الوسط لأن الأصل في كل ما يتوصل إليه بالاجتهاد من قيم المتلفات وأروش الجنايات أن يؤخذ بالوسط؛ لأن الوسط ينتسب إلى الأعلى انتسابه إلى الأدنى، فلا يكون فيه حيف على المحكوم له والمحكوم عليه.

  وقد روي عن النبي ÷ ما حكاه أبو بكر الجصاص: «أيما امرأة نكحت بغير إذن مواليها فنكاحها باطل، فإن دخل بها فلها مهر نسائها لا وكس⁣(⁣٢) ولا شطط»⁣(⁣٣) فبين النبي ÷ أن الرجوع فيه إلى الوسط⁣(⁣٤).

  وروى أبو داود في السنن عن ابن مسعود في مهر المثل: «صداق كصداق نسائها لا وَكْسَ ولا شطط»⁣(⁣٥).

  فبان بذلك أجمع صحة ما قلناه من أن لها الوسط من المملوك.

  ولم يستحب يحيى # ذلك لما فيه من الجهالة مع الاستغناء عنه بما لا جهالة فيه؛ إذ لا التباس أن مالا جهالة فيه أدنى إلى قطع الخصومة ورضا المتعاقدين، ولا خلاف في أصول العبادات والحكومات أن ما يغني عن الاجتهاد أولى مما يحوج إليه.

  وقلنا: إنه يرجع إلى من يعرف ذلك إن اختلفا لأن ذلك هو الأصل في القيم والأروش، وهذا من بابهما.


(١) في (أ، ج): تضبط.

(٢) في (أ) ونسخة في (د): بوكس.

(٣) شرح مختصر الطحاوي (٤/ ٤٢٦).

(٤) في المطبوع: التوسط.

(٥) سنن أبي داود (٢/ ١٠٣).