كتاب النكاح
  الرجوع إلى مهر المثل، فكل ذلك يبين على أصله أن فساد المسمى في كل حال لا يوجب الرجوع إلى مهر المثل، وإن وجب ذلك على بعض الوجوه.
  على أن الشافعي يقول: إن المهر هو المسمى لها دون ما شرط للولي، فلا وجه لإفساد المهر بفساد(١) ما ليس منه بسبيل.
  ويؤكد ما ذهبنا إليه قوله ÷: «أدوا العلائق» قيل: وما العلائق؟ قال: «ما تراضى به الأهلون»، وفي مسألتنا هذه قد رضي الأهلون بالمسمى، فوجب أداؤه.
  وبقوله: «المؤمنون على شروطهم» وقوله تعالى: {أَوْفُواْ بِالْعُقُودِۖ ١}[المائدة: ١].
  وروى أبو داود في السنن بإسناده عن عقبة بن عامر عن النبي ÷ أنه قال: «أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج»(٢).
  فإن قيل: فهذه الظواهر توجب أن يكون أحد المسميين للولي، وذلك خلاف مذهبكم.
  قيل له: ذلك مخصوص بالإجماع؛ إذ لم يقل أحد: إن الولي يستحق ذلك، فسقط، وإذا سقط ذلك وجب الوفاء بالمسميين، ووجب أن يكونا جميعاً للمرأة.
  وحكى ابن أبي هريرة في التعليق عن الشافعي أنه قال في الأم: إنه إن تزوجها على ألفين على أن تعطي أباها ألفاً كان ذلك جائزاً، وكان الألفان مهراً لها. وهذا يمكن أن يجعل أصلاً يقاس عليه ما اختلفنا فيه، ويمكن أن يعترض به على جميع ما استدل من جهة فساد المهر إذا تزوجها على ألف وعلى أن لأبيها ألفاً، وتحرير القياس أن يقال: قد أجمعنا على أنه إذا تزوجها على ألفين على أن تعطي أباها ألفاً صح المهر، فكذلك ما اختلفنا فيه، والعلة أن الألفين جعلا عوضاً للبضع، فوجب ألا يفسد لاشتراط بعضه لوليها.
(١) في (د): لفساد.
(٢) سنن أبي داود (٢/ ١٠٩).