كتاب النكاح
  عن الحسن مولى بني نوفل قال: سئل ابن عباس عن عبد طلق أمة تطليقتين ثم عتق(١)، أيتزوجها بعد ذلك؟ قال: نعم، قيل: عمن؟ قال: أفتى بذلك رسول الله ÷. فقد صرح بأنها لا تحرم عليه بتطليقتين مع أنها أمة، فبان أن له أن يطلقها ثلاثاً.
  فإن قيل: فقد روي عن علي # أنه قال: (طلاق الأمة تطليقتان وعدتها حيضتان)(٢) وروي مثله عن النبي ÷(٣).
  قيل له: يحتمل أن يكون قال ذلك في أمة بعينها قد طلقت مرة وانقضت من عدتها حيضة.
  وما ذكرناه من القياس والترجيح في أن العبد ينكح أربعاً يصح مثله في أنه يطلق ثلاثاً، فلا وجه لإعادته.
  ويقال لأبي حنيفة: إذا كان العبد يطلق الحرة ثلاثاً وجب أن يصح منه أن يطلق الأمة ثلاثاً، والمعنى أنه ممن يصح طلاقه.
  ويقال لمالك: إذا كان العبد مثل الحر في عدد النكاح وجب أن يكون مثله في عدد الطلاق، والمعنى أنه عدد حكم مباح يختص البضع.
  وقلنا: إن عدة الأمة مثل عدة الحرة - وحكي نحوه عن صاحب الظاهر - لقول الله تعالى: {۞وَالْمُطَلَّقَٰتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَٰثَةَ قُرُوٓءٖۖ}[البقرة: ٢٢٨] ولم يخص أمة من حرة، وقال سبحانه وتعالى: {وَالذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَٰجاٗ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٖ وَعَشْراٗۖ}[البقرة: ٢٣٤] ولم يخص أمة من حرة، فأوجب عموم هاتين الآيتين استواء الإماء والحرائر في العدة.
(١) كذا في المخطوطات. وفي سنن أبي داود (٢/ ١٢٣) وسنن ابن ماجه (١/ ٦٧٣) ومسند أحمد (٣/ ٤٧٢) وغيرها: عتقا.
(٢) أخرجه في مجموع الإمام زيد بن علي # (٢١٩).
(٣) أخرجه الترمذي (٢/ ٤٧٩) وابن ماجه (١/ ٦٧٢).