شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في نكاح المماليك

صفحة 206 - الجزء 3

  مسائل النيروسي، وهو قول أبي حنيفة وأصحابه. قال الشافعي: لها الخيار إن كان الزوج عبداً، وإن كان حراً فلا خيار لها.

  والأصل في ذلك: ما أخبرنا به أبو بكر المقري، قال: حدثنا الطحاوي، قال: حدثنا أبو بشر الرقي، قال: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة قالت: «كان زوج بريرة حراً، فلما أعتقت خيرها رسول الله ÷ فاختارت نفسها»⁣(⁣١).

  فإن قيل: فقد روي عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: كان زوج بريرة عبداً، ولو كان حراً لم يخيرها رسول الله ÷(⁣٢).

  قيل له: أما كونه كان⁣(⁣٣) عبداً فلا إشكال فيه، وإنما الخلاف في حاله وقت عتق زوجته بريرة، وقد ثبت أن الحرية تطرأ على الرق، وأن الرق لا يطرأ على الحرية في دار الإسلام، فلما روي عنها أنه كان حراً فلما أعتقت خيرها رسول الله ÷، وروي أنه كان عبداً - وجب أن يكون قولها: كان عبداً إخباراً عن حالته التي كان عليها من قبل، وأنه كان حراً في وقت عتق بريرة.

  فأما ما روي: «ولو كان حراً لم يخيرها رسول الله ÷» فلا دلالة على أنه لفظ عائشة، ويحتمل أن يكون ذلك لفظ عروة أو هشام عن عائشة⁣(⁣٤) فمن دونهما، فلا يصح التعويل عليه، وعلى هذا التأويل يحمل ما روي عن ابن عباس أنه كان عبداً. على أن من صحت عبوديته إذا أخبر مخبر أنه صار حراً فهو أولى من خبر من يخبر أنه عبد؛ لأن من أخبر بعبوديته أخبر بظاهر الحال، ومن أخبر بحريته أخبر بأمر طارئ على العبودية، يكشف ذلك أن شهادتين لو وقعتا على


(١) شرح معاني الآثار (٣/ ٨٢).

(٢) أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (٣/ ٨٢) وأبو داود (٢/ ١٣٦).

(٣) «كان» ساقط من (أ، ج).

(٤) في المخطوطات: لفظ عروة أو هشام عن ابن عباس. وظنن في هامشها بـ: عائشة.