باب القول في نكاح المماليك
  والعلة فيه أنه قال ذلك في مملوكته التي يصح تحريرها منه.
  فإن قيل: العلة في ذلك أن التحرير توجه إلى غير موجود.
  قيل له: هذا القدر لا يكون علة؛ لأنه ينتقض بملك الغير، فإن كان ذلك مضافاً إلى علتنا وجب فساده؛ لأن طريقه إفساد القياس، وأيضاً ألا ترى أن قائلاً لو قال: علة الربا في الحنطة أنه مكيل بر أو مأكول بر كان ذلك سد باب القياس، فكذلك ما ذكروه.
  فإن قيل: فإن هذا ينقض أصلكم؛ لأنكم تقولون: لا طلاق قبل النكاح، ولا عتق قبل الملك، وهذا هو عتق قبل الملك.
  قيل له: لا سواء؛ لأن الذين(١) تناولهم التحرير مثل المملوك وفي حكمه؛ لكون الأصل ملكاً للمعتق، وهي الأم، ألا ترى أن الصدقة لا تصح فيما لا يملك، ثم لو ملك رجل نخلاً صح أن يقفه(٢) ويتصدق بثمرته وإن لم تكن خرجت؛ لأن الثمرة تصير في حكم المملوكة بكون الأصل مملوكاً، وهو النخل.
  ويدل على ذلك أنه لا خلاف في المغرور بالأمة أنه يكون ولده منها حراً، فكذلك ما اختلفنا فيه، والعلة أن الزوج دخل في النكاح على أن أولاده أحرار، وأنه دخل فيه على شرط ثبوته يقتضي أن أولاده من المنكوحة أحرار، والشافعي بمثل هذه العلة أوجب أن العبد إذا تزوج أمة على أنها حرة أن أولاده(٣) أحرار.
  فإن قيل: ما أنكرتم على من قال لكم: إن ذلك وجب في ولد المغرور لأنه لم يرض باستيلاد الأمة؟
  قيل له: مثل هذا يصح أن يقال في مسألتنا، وهو أنه لم يرض باستيلادها على
(١) في (أ، ج): الذي.
(٢) في (أ، ج): ينفقه. ولفظ تعليق ابن أبي الفوارس: فشابه أن يقف الأشجار على أن يصرف ثمرها في وجه الصدقة.
(٣) في (أ): أولادها. وفيها: أولاده. نسخة.