باب القول في نكاح المماليك
  يزوجها أو يبيعها لم يجز ذلك حتى يستبرئ بثلاث حيض.
  جميع ذلك منصوص عليه في الأحكام(١).
  قلنا: إن من تزوج أمة ثم اشتراها فقد أفسد الملك النكاح لأنه لا خلاف أن النكاح وملك(٢) أحد الزوجين من صاحبه لا يجتمعان، وأن حصول الملك يمنع النكاح، وأن ورود الملك على النكاح يفسده، ولا فصل بين أن يملك أحدهما جميع صاحبه أو شقصاً منه فيما ذكرناه، بعدَ أن يكون الملك ثابتاً؛ فلذلك قلنا: إن الزوج إذا اشترى زوجته فسد النكاح بينهما؛ لأنه قد تملكها.
  وقلنا: إن فساد النكاح في ذلك لا يكون طلاقاً لأن الأحوال المنافية للنكاح إذا عرض منها شيء فأفسد النكاح لم يكن طلاقاً، نحو الردة، أو الإسلام، أو الرضاع، فكذلك الملك.
  وقلنا: إن للمشتري أن يطأها بالملك لأنها صارت ملكاً له، وقد قال الله تعالى: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَٰنُكُمْۖ}[النساء: ٣] ولا خلاف فيه.
  وقلنا: إنه ليس لصاحبها الأول أن يطالبه بنصف الصداق إن كان اشتراها الزوج قبل الدخول بها؛ لأن مولاها لما باعها منه تعلق فسخ النكاح به، وصار مانعاً من البضع أن يوطأ بحق النكاح، فوجب أن يسقط المهر؛ لأن الفسخ هنا تعلق بمن يستحق المهر، كالتي ترتد أو ترضع زوجها في الحولين.
  فإن قيل: ما أنكرتم على من قال لكم: إن الفسخ وإن تعلق بمولاها حين باعها فقد تعلق بالزوج أيضاً، فلا يجب أن يسقط المهر، كالخلع يتعلق بالمرأة، ولتعلقه بالزوج لا يجب أن يسقط المهر فيه؟
  قيل له: الخلع عندنا طلاق، ولا تعلق له بالمرأة، وإنما يتعلق بها طلب الفرقة
(١) الأحكام (١/ ٣٦٠).
(٢) في (د): وما ملك.