شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في نكاح المماليك

صفحة 222 - الجزء 3

  يدل⁣(⁣١) على ذلك: أن الأمة لا تملك من نفسها عقد النكاح مع صحته فيها، فوجب أن يملكه منها مولاها من غير اعتبار رضاها؛ دليله سائر التصرف من البيع والإجارة والهبة.

  يؤكد ذلك: أن إقرارها بالدين لما لم تملكه ملكه المولى منها، وإقرارها بما يوجب الحد لما ملكته من نفسها لم يملكه عليها مولاها.

  وما ذكرناه من الآية والعلة الثانية يدلان على أن لسيد العبد أن يكرهه على التزويج، وكلامه في الأحكام محتمل في جواز إكراه المولى العبد على النكاح، وأبو العباس الحسني حكى عنه جواز ذلك في النصوص، وهو الأصح، وهو الصحيح عن⁣(⁣٢) أبي حنيفة على ما حكاه عنه أبو الحسن الكرخي⁣(⁣٣) وأبو بكر الجصاص، وهو قول أبي يوسف ومحمد. قال الشافعي: ليس له أن يكره العبد على النكاح، وله أن يكره الأمة على ذلك.

  على أنه إذا لم يخالف في الأمة أمكن أن يقاس العبد عليها، والعلة أنه شخص مملوك يصح تزويجه، فوجب ألا يكون رضاه معتبراً.

  وأما المكاتبة فقلنا: إنه لا يزوجها إلا برضاها لأنها صارت بالكتابة⁣(⁣٤) في يد نفسها، وفي حكم المالكة لنفسها وأمرها⁣(⁣٥)، فلم يصح تصرف المالك فيها كما لا يصح تصرفه فيها بالبيع وعقد الإجارة والهبة، ولم يجز أيضاً وطؤها، وإذا كان ذلك كذلك وجب أن يكون مهرها لها إذا زوجها برضاها، كما أن سائر منافعها وكسبها يكون لها.


(١) في (أ): فدل.

(٢) في (د): عند.

(٣) في (أ، ج): على ما حكاه أبو الحسن الكرخي عنه.

(٤) في (د): في الكتابة.

(٥) في (أ، د): وفي حكم المالكة لأمرها.