شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في نكاح المماليك

صفحة 221 - الجزء 3

  فأما إذا أدى ما كوتب عليه فقد عتق بالإجماع واستقر ملكه لما في يده، فصار مالكاً لزوجته، فوجب بطلان النكاح، فإذا بطل النكاح وحصل الملك جاز له أن يطأها بالملك.

مسألة: [في تزويج السيد مملوكته ومدبرته ومكاتبته وأم ولده]

  قال: ويجوز للرجل أن يزوج مملوكته ومدبرته وإن كرهتا، وليس له أن يزوج مكاتبته إلا برضاها، ويكون المهر للمكاتبة، وكذلك القول في أم الولد إذا أعتقها.

  جميع ذلك منصوص عليه في الأحكام⁣(⁣١).

  قلنا: إن للمولى أن يكره مملوكته ومدبرته على النكاح لقول الله تعالى: {وَأَنكِحُواْ اُ۬لْأَيَٰمَيٰ مِنكُمْ}⁣[النور: ٣٢] فجعل سبحانه لنا إنكاح عبيدنا وإمائنا، ولم يشترط رضاهم، فوجب أن يكون ذلك جائزاً.

  ويدل على ذلك: أن وطء الأمة يملكه مولاها، فوجب أن يكون له تثبيت حق للغير⁣(⁣٢) فيه من غير اعتبار رضاها، كما أن له تثبيت حق للغير في سائر منافعها بالإجارة وغيرها، والعلة أنه منفعة يملكها مولاها منها من غير أن تكون هي فراشاً له.

  فإن قيل: فالزوج أيضاً يملك وطأها، ومع ذلك ليس له أن يثبت فيه حقاً للغير.

  قيل له: الزوج ليس بمالك لوطئها، وإنما له فيه حق الاستباحة، ألا ترى أنها لو وطئت بشبهة كان المهر للمولى دون الزوج؟ وإذا كان هذا هكذا سقط هذا الاعتراض.

  على أنه لو كان مالكاً بضعها لم يلزم على علتنا؛ لأنا اشترطنا فيها ألا تكون هي فراشاً له.


(١) الأحكام (١/ ٣٦١).

(٢) في (أ): الغير.