شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الإماء

صفحة 268 - الجزء 3

  سَلَفَۖ}⁣[النساء: ٢٣] وليس لهم أن يعترضوا ذلك بقول الله تعالى: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَٰنُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَۖ ٦}⁣[المؤمنون] لوجهين:

  أحدهما: أن الآية التي تعلقنا بها حاظرة، والحظر أقوى من الإباحة، وبه احتج أمير المؤمنين #.

  والثاني: أن الآية التي احتججنا بها أخص بموضع الخلاف؛ لأن المقصد بها تحريم الجمع، وفيه وقع الخلاف، والمقصد بما تعلقوا به إباحة ملك اليمين على الجملة.

  فأما إذا أخرج الأولى عن ملكه بما ذكرناه فلا خلاف أنه يحل له وطء الثانية.

  واختلفوا إذا زوج الأولى، وعندنا أنها لا تحل له.

  والدليل على ذلك قول الله تعالى: {وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ اَ۬لْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَۖ} وقد ثبت أن تحريم الجمع بينهما بالوطء مراد بالآية لما بيناه آنفاً، ولا⁣(⁣١) يصح الجمع بينهما بالوطء إلا بأن يطأ إحداهما بعد الأخرى، فصارت الآية تقتضي تحريم وطء إحداهما بعد الأخرى على جميع الوجوه، فوجب القضاء به إلا حيث يخصه الدليل، ولما أجمع⁣(⁣٢) الجميع على أنه إذا أخرج الأولى عن ملكه بما ذكرناه حلت له الثانية قلنا به، وبقينا حكمها على التحريم وإن زوج الأولى أو كاتبها؛ لإيجاب الظاهر ذلك.

  ولا خلاف أنه لو لم يزوج الأولى وتركها على حالها أنه لا يجوز له وطء الثانية، فكذلك إذا زوجها، والعلة أن ملكه ثابت عليها باق، فكل من وطئ ملك⁣(⁣٣) يمينه لم يحل له وطء أختها ما دام ملكه باقياً عليها. وأيضاً لا خلاف لو أنه أذن لها في الإحرام فأحرمت لم يجز له أن يطأ أختها، فكذلك إذا زوجها، والعلة أن تحريم الأولى يجوز أن يرتفع من غير تجدد ملك أو عقد نكاح.


(١) في (أ، ج): فلا.

(٢) في (أ، ج): اجتمع.

(٣) في (د): بملك.