باب القول في صفة الطلاق وتنوعه
  قلنا: إن ذلك خلع لأنه طلاق على عوض.
  وقلنا: إن للابنة مطالبة الزوج بالمهر إذا كبرت لأن حقها ثابت، ولا يسقط بإسقاط أبيها كما لا يسقط سائر حقوقها بإسقاطه؛ لأنه لا ولاية له عليها فيما يضرها.
  وقلنا: إن للزوج أن يطالب الأب به لأنه طلقها على بدل بذله من يصح منه بذل الأبدال، فوجب أن يلزمه قياساً على المرأة لو كانت هي المخالعة.
  يؤكد ذلك: أن من قال لرجل له على آخر حق: «عليَّ هذا الحق على أن تبرئ غريمك» صح ذلك ولزم الضمان، فكذلك ما نذهب إليه.
  فإن قيل: إن الأب لما لم يحصل له بإزائه(١) شيء لم يلزمه العوض كان ذلك منتقضاً بالضمان والحوالة، ألا ترى أن المحتال والضمين يضمنان المال وإن لم يحصل لهما بإزائه شيء؟ ويؤكد ذلك قوله تعالى: {أَوْفُواْ بِالْعُقُودِۖ ١}[المائدة] وقول النبي ÷: «المؤمنون عند شروطهم».
  فإن قال: فقد قال يحيى #: إن الأب إذا قال ذلك بلفظ الإبراء لزمه ضمان المال، والإبراء لا ينطوي على الضمان.
  قيل له: الإبراء قد يكون بمجرد القول، وقد يكون بأن يضمن المال عمن عليه المال، فإذا احتمل الإبراء هذين الوجهين حملناه من الأب على الصحة، وهو لا يصح إلا إذا حمل على الضمان، ألا ترى أن البيع إذا جاز أن يكون صحيحاً وفاسداً حمل على الصحة في الإقرار وغيره حتى يثبت الفساد؟ فكذلك النكاح وسائر العقود.
(١) في (أ): بإبرائه.