شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في صفة الطلاق وتنوعه

صفحة 286 - الجزء 3

مسألة: [في بيان الطلاق الرجعي وأن الكنايات يقع بها الطلاق الرجعي]

  قال: والطلاق الرجعي: كل طلاق للمدخول بها لا على عوض من غير أن يكون تطليقة ثالثة.

  قد نص في الأحكام⁣(⁣١) أن الكنايات يقع بها الطلاق الرجعي، وذكر أن دخول العوض يجعله بائناً، وبين فيه حال المطلقة ثلاثاً، وأنها لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره، وذكر نحوه في المنتخب⁣(⁣٢)، وجميع ذلك إذا كانت المرأة مدخولاً بها، فأما إن كانت غير مدخول بها فلا خلاف أن طلاقها بائن على أي وجه وقع.

  فأما الطلاق الصريح فلا خلاف أن البينونة لا تقع إلا إذا كان على عوض، ولا خلاف أن قول الزوج: «استبرئي رحمك» في هذا المعنى مثل صريح الطلاق.

  واختلفوا في قوله: أنت بائن، أو برية، أو خلية، وما جرى مجراها، فذهب أبو حنيفة إلى أنها تكون بهن بائناً، وقال الشافعي بمثل قولنا.

  والدليل على ما نذهب إليه من ذلك قول الله تعالى: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِے ذَٰلِكَ}⁣[البقرة: ٢٢٨] فلم يشترط أن يكون الفراق وقع بالصريح أو الكناية.

  ويدل عليه قول النبي ÷ لابن عمر: «راجعها» ولم يستثن بأي لفظ وقع الطلاق، فدل ذلك على أن حكم الألفاظ في كونها رجعية حكم واحد، ولا خلاف أن الصريح لا يقتضي البينونة إذا لم يقع على عوض، فوجب أن يكون البائن والخلية والبرية كذلك، والعلة أنه طلاق. أو يقال: طلاق لم يستوف كمال عدده ولم يوقع بشرط العوض، فوجب ألا يوجب البينونة في المدخول بها.

  ويمكن أن يقاس ما ذكرناه على قول القائل: «اعتدي» أو «استبرئي رحمك» في أنه لا يوجب البينونة إذا لم يقع على عوض.


(١) الأحكام (١/ ٣٧٤، ٣٨٠، ٤٢٤).

(٢) المنتخب (٢٥٨، ٢٧١).