شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الطلاق

صفحة 291 - الجزء 3

  ويقال للشافعي وأبي حنيفة: لا خلاف بيننا وبينكم أن من قال لامرأته المدخول بها: «أنت طالق ثلاثاً» أنه لا يلحق ذلك طلاق ما لم يرفع حكم ذلك اللفظ، فكذلك إذا قال لها: أنت طالق، والعلة أنها معتدة من طلاق. وليس لهم أن يدعوا أن علتنا لا تأثير لها؛ لأنها مؤثرة على أصلنا؛ إذ لا فصل عندنا بين قوله: أنت طالق، وبين قوله: أنت طالق ثلاثاً.

  فإن قيل: الزوج مالك للثلاث، فوجب أن يصح منه إيقاعها واحدة بعد أخرى وإن لم تتخللهما الرجعة.

  قيل له: لسنا نسلم أنه مالك للثلاث على الإطلاق، بل على شرط أن يجعل بين الطلاق والطلاق ما يرفع الثلمة الواقعة بالطلاق الأول. على أن هذا ينتقض على الشافعي بالطلاق البائن، وعليهما جميعاً بالمنقضية عدتها.

  فإن قيل: هو زوج بعد التطليقة الأولى إذا كانت رجعية، فوجب أن يصح منه طلاقها⁣(⁣١).

  قيل له: لا نمتنع من إجراء اسم الزوج عليه، ومع هذا لا يجوز طلاقه إلا مع الشرط الذي ذكرناه؛ للأدلة التي مضت، ألا ترى أن الناس قد اختلفوا في طلاق السكران وطلاق المكره وطلاق الحائض وإن لم يخرجوا الزوج من الزوجية، وإنما اتبعوا⁣(⁣٢) الأوكد من الأدلة مع بقاء الزوجية؟ فكذلك تجيء مسألتنا.

  ومما يؤكد ذلك أن الثلمة الواقعة بالتطليقة الثالثة ما لم ترتفع لم يكن لإلحاق الطلاق بها مسرح، فوجب أن يكون ذلك حكم كل ثلمة واقعة بالطلاق أولاً كان أو ثانياً. ويوضح ذلك أن قياسنا يزيد الطلاق الثاني شرعاً مستفاداً بالشرع، فهو أولى.


(١) دليله ما قبل الطلقة الأولى. (من شرح القاضي زيد).

(٢) في (د): ابتغوا.