شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الطلاق

صفحة 292 - الجزء 3

  وأما أن الطلاق لا يتبع الطلاق البائن فالخلاف فيه بيننا وبين أبي حنيفة⁣(⁣١) دون الشافعي، والكلام فيه أظهر؛ لأنهما ليسا بزوجين؛ لأنهما لا يتوارثان، ولأن العصمة منقطعة، والمرأة قد ملكت بضعها. ويمكن أن تقاس على الأجنبية بمعنى أنها لا تحل له إلا بنكاح جديد، فوجب ألا يلحقها طلاقه. ولا خلاف أن الكنايات لا تلحقها [فكذلك]⁣(⁣٢) الصريح؛ قياساً على الأجنبية، أو يقاس الصريح على الكناية بعلة أنه من ألفاظ الطلاق، فوجب ألا يقع عليها.

  فإن قيل: روي عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن رسول الله ÷ قال: «المختلعة يلحقها الطلاق».

  قيل له: الخبر قد قيل: إنه ضعيف، وإن ثبت كان المراد به أن الخلع طلاق، وهذا التأويل أولى؛ لأنه يعم المختلعات أجمع، وما يتأولونه يختص بعض المختلعات؛ إذ فيهن من لا يطلقن⁣(⁣٣) بعد الخلع فلا يلحقها طلاق ثان على وجه من الوجوه، والتأويل الذي يبقي العموم على⁣(⁣٤) جهته أولى من المقتضي لتخصيصه.

  وليس لهم أن يقولوا: نقول بالوجهين جميعاً؛ إذ من مذهبهم أنه لا يجوز أن يراد باللفظ الواحد معنيان مختلفان.

  فإن قيل: فقد قال الله تعالى بعد ذكر الخلع: {فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُۥ مِنۢ بَعْدُ حَتَّيٰ تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُۥۖ}⁣[البقرة: ٢٣٠] فدل ذلك على أن المختلعة يلحقها الطلاق.


(١) مذهب أبي حنيفة أن من طلق امرأته طلاقاً بائناً بخلع أو غيره ثم طلقها في العدة بصريح الطلاق طلقت.

(٢) ما بين المعقوفين من تعليق ابن أبي الفوارس.

(٣) في المخطوطات: يطلقهن. والمثبت نسخة في (د).

(٤) في (د): من.