شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الطلاق

صفحة 296 - الجزء 3

  وروى محمد⁣(⁣١) بن إسحاق، عن داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس: أن يزيد بن ركانة⁣(⁣٢) طلق امرأته ثلاثاً البتة فحزن عليها حزناً عظيماً، فقال له رسول الله ÷: «كيف طلقتها؟» قال: طلقتها ثلاثاً في وقت واحد، فقال له: «تلك الثلاث واحدة، فراجعها»⁣(⁣٣).

  فهذه الأخبار نصوص فيما ذهبنا إليه.

  فإن قيل: قد علمنا أن عمر لم يكن يعترض بالخلاف على رسول الله ÷(⁣٤)، فإذا ثبت ذلك ثبت أنه قد علم نسخه، فلذلك أمضاه.

  قيل له: لا يجوز نسخ ما ثبت عن النبي ÷ بقول عمر، سيما وقد احتمل أن يكون عمر لم يعرف النص فيه عن النبي ÷ ورأى أن المسألة للاجتهاد فيها مسرح فقضى بذلك، يؤكد ذلك أنه لا يروى عن عمر أنه ذكر ذلك عن رسول الله ÷، وإنما هو مروي عن ابن عباس، على أن في الخبر الأول ما يدل على أنه لم ينسخ؛ إذ فيه أن الثلاث كانت على عهد رسول الله ÷ وأبي بكر واحدة، وقد علمنا أنه لا نسخ بعد رسول الله ÷، فكيف يكون بعد أيام أبي بكر؟

  فإن قيل: يحتمل أن يكون المراد بذلك إذا قال الزوج للتي لم يدخل بها: أنت طالق وطالق وطالق.

  قيل له: هذا تخصيص للخبر من غير دليل، وذلك مما لا يصح.

  فإن قيل: فقد روي أن رجلاً طلق امرأته ألفاً، فمضى بنوه إلى رسول الله


(١) في (أ، ج): وروي عن محمد.

(٢) كذا في المخطوطات، وفي مسند أحمد وغيره: طلق ركانة بن عبد يزيد. وفي الاستذكار لابن عبدالبر (٦/ ٩): روى ابن إسحاق في ذلك عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس قال: طلق ركانة بن عبد يزيد امرأته ثلاثاً في مجلس واحد ... إلخ.

(٣) وأخرج نحوه أحمد في المسند (٤/ ٢١٥) والبيهقي في السنن الكبرى (٧/ ٥٥٥).

(٤) في (د): يعترض على رسول الله ÷ بالخلاف.