باب القول فيما يقع من الطلاق وما لا يقع
  فإن قيل: لا خلاف بين المسلمين في حصول الفرق بين الكناية والصريح، وقولكم يقتضي التسوية بينهما، فهو أيضاً مؤدٍ إلى خلاف الإجماع.
  قيل له: نحن أيضاً نفرق بينهما بضرب من الفروق، وذلك أنا لا ندين الذي يأتي بالصريح في القضاء، ولا نجعل القول قوله مع يمينه، وإنما ندينه فيما بينه وبين الله تعالى، والذي يأتي بالكناية ندينه في القضاء، ونجعل القول قوله مع يمينه، وإذا جعلنا بين الصريح والكناية ضرباً من الفرق سقط اعتراضهم هذا.
  ويؤكد ما ذهبنا إليه: قوله ÷: «رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه» وهذا في حكم المخطئ والناسي؛ إذ لا قصد لهما(١) إلى الطلاق. وليس لأحد أن يتأول ذلك على الإثم فقط؛ إذ يجب حمله على جميع الأحكام، ومنها الإثم.
مسألة: [في طلاق المكره والصبي والمجنون والمغلوب على عقله]
  قال: ولا يقع طلاق المكره، ولا طلاق الصبي حتى يبلغ، ولا طلاق المجنون، ولا المغلوب على عقله لأي(٢) علة كانت حتى يعقل.
  وجميعه منصوص عليه في الأحكام(٣).
  أما طلاق الصبي والمجنون والمغلوب على عقله فلا خلاف في أنه لا يقع.
  وأما طلاق المكره فما ذهبنا إليه فيه قالت به الإمامية والناصر #، وبه قال الشافعي، وقال أبو حنيفة: هو واقع.
  والدليل على صحة ما ذهبنا إليه من ذلك: ما أخبرنا به أبو بكر المقرئ، قال: حدثنا الطحاوي، قال: حدثنا ربيع بن سليمان، قال: حدثنا بشر بن بكر، قال: أخبرنا(٤)
(١) في شرح القاضي زيد: له.
(٢) في (ج، د): لأية.
(٣) الأحكام (١/ ٣٩٠، ٣٨٩).
(٤) في (أ، ج): حدثنا.