شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الطلاق

صفحة 320 - الجزء 3

  ملكت فلاناً أن أعتقه» أن النذر صحيح، فكذلك من قال: إن تزوجتك فأنت طالق، والعلة أنه مضيف لكل واحد منهما إلى الملك.

  قيل له: إن النذر على وجهين: منه ما يثبت في الذمة، وذلك ليس من شرطه الملك، ألا ترى أنه لو قال: «إن شفاني الله تعالى من علتي فعلي أن أتصدق بألف درهم» أو «علي أن أعتق عبداً» صح ذلك وإن لم يملك في الحال الدراهم والعبد، وسواء علقهما بالملك أو لم يعلق؟

  والوجه الثاني: أن يقول: «إن شفاني الله فسالم حر» أو «هذا المال صدقه»، وهذا لا يثبت إلا أن يصادف النذر الملك، ولا فصل بينه وبين الطلاق، فبان أن العلة فيما ذكروه من النذر أنه يثبت في الذمة، [ولا يثبت شيء بعينه⁣(⁣١)، وليس كذلك الطلاق⁣(⁣٢)؛ لأنه لا يثبت في الذمة]⁣(⁣٣) على وجه من الوجوه.

  على أنه لو سلم لهم قياسهم كانت قياساتنا أولى؛ لاستنادها إلى النص، ولأن النص منبه على علتنا، ولأنا رددنا الطلاق إلى الطلاق، وهم ردوه إلى غير الطلاق، ولأن سائر ما يوجب رفع النكاح يشهد لنا؛ لأنا وجدنا جميع ذلك على ضربين:

  ضرب منها يحصل قبل النكاح فيمنع حصول النكاح، كالردة والرضاع، وعلى مذهب من يخالفنا الزنا الموجب لرفع النكاح.

  وضرب لا يصح حصوله قبل النكاح، كفرقة اللعان، فلم يجز أن يكون الطلاق مما يصح حصوله قبل النكاح ثم يرفع النكاح الثابت بعده؛ لأن الأصول كلها على خلاف ذلك.

  ويشهد أيضاً لصحة قياسنا البيوع والهبات؛ لأنها لا تتأتى قبل الملك لا عقداً


(١) في (د): أنه مما يثبت في الذمة ولا يتعلق بشيء بعينه.

(٢) في (أ): في الطلاق.

(٣) ما بين المعقوفين ساقط من (ج).