شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما يقع من الطلاق وما لا يقع

صفحة 329 - الجزء 3

  طلاقاً، وتنبيهاً على ما ذكرناه في هذا الفصل؛ لأنه قال: لا تحل بالبيع حتى يطلقها زوجها، وروى فيه عن جده القاسم # أنه لا بد من طلاق الزوج نفسه، فكان ذلك مؤكداً لما ذكرناه. ونص في مسائل النيروسي أن الإباق لا يكون طلاقاً، ونص الهادي إلى الحق # أيضاً في المنتخب⁣(⁣١) على أن بيع العبد لا يوجب طلاق زوجته.

  فأما ما يدل على أن طلاق المولى لا يقع عن العبد فهو ما رواه عن أمير المؤمنين أنه قال: (الطلاق لمن أخذ بالساق).

  ويدل على ذلك: ما رواه زيد بن علي عن أبيه عن جده عن علي $ أنه قال لمولى عبد تزوج بغير إذنه: (فرق بينهما) فقال السيد لعبده: طلقها، فقال علي #: (أجزت النكاح، فإن شئت أيها العبد فطلق، وإن شئت فأمسك) فبين أن الطلاق إلى الزوج. ولا خلاف أن الأجنبي لا يقع طلاقه، فكذلك المولى، والمعنى أن المطلق غير الزوج بغير إذنه.

  ويؤكد ذلك: أن الله تعالى خاطب بالطلاق الأزواج، فعلم أن حكمه مقصور عليه، وهذا مما لا خلاف فيه بين الفقهاء، وإنما الخلاف فيه محكي عن الصحابة، والإجماع بعد الخلاف يرفع حكم الخلاف.

  وأما البيع فلا يكون طلاقاً لما روي أن بريرة لما بيعت خيرها رسول الله ÷، ولم يجعل بيعها طلاقاً، وإذا ثبت ذلك في الأمة ثبت في العبد، والعلة أن كل واحد منهما شخص مملوك فلم يجز أن يكون بيعه طلاقاً، وهذا أيضاً مما لا خلاف فيه الآن، وحكي ذلك عن بعض المتقدمين. وكذلك الإباق لا خلاف أنه لا يكون طلاقاً؛ لأنه كسائر معاصيه في أنه لا يعترض النكاح ما لم يكن ردة، ولا يمكن أن يقال: إذا أبق استضرت المرأة فوجب أن تنقطع العصمة بينه وبينها؛ لأن المفقود يعترضه.


(١) رأيته في الفنون (٦٧٥).