شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الطلاق

صفحة 336 - الجزء 3

  ومما يدل على ذلك أنه قد ثبت أن الوثني إذا كانت تحته وثنية قد دخل بها فأسلم أحدهما أن الفرقة لا تقع بنفس الإسلام؛ لأن أبا حنيفة يذهب إلى أن الفرقة لا تقع مع إسلام أحدهما إلا بإباء الآخر الإسلام، ونحن نذهب إلى أن الفرقة لا تقع مع إسلام أحدهما إلا بانقضاء العدة، وإذا ثبت ذلك وجب ألا تقع الفرقة بنفس الردة إلا بانضمام معنى آخر إليه، وإذا ثبت ذلك ثبت أن الفرقة تقع بانقضاء العدة؛ إذ لم يقل أحد في ذلك بغير ما ذكرناه.

  على أنا إذا بينا أن الإباء لا معتبر به ثبت أن المعنى المراعى في الأصل إنما هو انقضاء العدة فقط، فصح ما ذهبنا إليه.

  فإن قيل: ما أنكرتم أن يكون سبيله سبيل الفسخ الواقع بورود الملك على النكاح، أو بورود الرضاع عليه؟

  قيل له: الملك والرضاع قد ثبت أنهما يوجبان الفرقة بمجردهما من دون انضمام معنى آخر إليهما، والارتداد قد بينا أنه يجب أن ينضم إليه معنى سواه، فلم يكن حكمه حكمهما. على أن الارتداد بالطلاق الرجعي أشبه؛ لأنه لا يقع إلا من جهته وباختياره⁣(⁣١)، فوجب ألا يوجب الفرقة إلا بانقضاء العدة.

  ووجه قولنا: إنهما إن ارتدا معاً فهما على النكاح حتى يعرض عليهما الإسلام فإن أسلما فهما على نكاحهما هو: أنه قد ثبت أنه من ارتد بعد النبي ÷ مع امرأته ثم رجع إلى الإسلام أقام على زوجيته، ولم يرو عن أحد من الصحابة أنه أمر بتجديد العقد، فجرى ذلك مجرى الإجماع.

  فإن قيل: من أين لكم أن ارتداد الرجل وزوجته وقعا معاً، وكذلك إسلامهما؟

  قيل له: هذا سبيل كل أمرين وقعا ولم يعرف التأريخ، كالآيتين والخبرين ونحوهما.


(١) في (أ): واختياره.