شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الطلاق

صفحة 352 - الجزء 3

  ومما يدل على ما ذكرناه: قول النبي ÷ لأم حبيبة بنت جحش: «لتنظر⁣(⁣١) قدر قرئها الذي تحيض به⁣(⁣٢) فلتترك الصلاة» وفي بعض الأخبار: «لتجلس أيام أقرائها ثم تغتسل» وفي حديث فاطمة بنت أبي حبيش أن النبي ÷ أمرها أن تدع الصلاة أيام أقرائها، وقد ذكرنا أسانيد هذه الأخبار في باب الحيض من كتابنا هذا، فدل ذلك على أن القرء في الشرع وإطلاقه اسم للحيض، وإذا ثبت ذلك وجب أن يحمل قول الله تعالى على ذلك؛ لأن حمل خطاب الله تعالى على أسماء الشرع أولى من حمله على غيرها.

  ويدل على ذلك أيضاً: ما روي عن النبي ÷ أنه قال في الأمة: «عدتها حيضتان» وإذا ثبت أنها تعتد بالحيض فلم يفصل أحد بينها وبين الحرة في هذا المعنى.

  فإن قيل: فقد قال الله تعالى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}⁣[الطلاق: ١] ولا خلاف أن المراد إيقاع الطلاق في الطهر، فثبت أن الطهر هو العدة.

  قيل له: المراد لقبل عدتهن، وقد وردت بهذه اللفظة أخبار، وذلك يقتضي أن يقع قبل العدة، فيجب أن يكون زمان العدة متأخراً عن الطلاق، وهذا نص مذهبنا، فسقط تعلقهم بالآية، وبان أنا لو تعلقنا بها ابتداءً كان أولى.

  ومما يدل على ذلك: أن العدة عبادة موضوعها لاستبراء الرحم، فوجب أن يكون اعتبارها بالحيض؛ دليله استبراء الأمة.

  يوضح ذلك ويؤكده: أنا وجدنا انقطاع الحيض يمنع الاعتداد بالأقراء، وحصوله يوجب الاعتداد بها، فكان الاعتبار به أولى من الاعتبار بالطهر الذي لا مدخل له في إيجاب الاعتداد بالأقراء وإسقاطه.

  وأيضاً ما نذهب إليه يقتضي إيجاب زيادة شرعية، ويقتضي الحظر، ألا ترى


(١) في (أ): لتنتظر.

(٢) في (أ): فيه.