شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الطلاق

صفحة 351 - الجزء 3

  ويدل على ذلك: أن الله تعالى لما قال: {۞وَالْمُطَلَّقَٰتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَٰثَةَ قُرُوٓءٖۖ}⁣[البقرة: ٢٢٨] وجب الاعتداد بثلاثة قروء على كل مطلقة، ومن حمله⁣(⁣١) على الطهر لم يوجب على المطلقة للسنة إلا قرأين وبعض القرء؛ لأنها إذا طلقت وهي طاهر صار الاعتداد عند مخالفنا من بعض الطهر، فصار ما ذهبنا إليه أولى؛ لاستعمالنا الظاهر على ما ورد به.

  فإن قيل: فنحن أيضاً نستعمله على وجه فنقول: اسم القرء قد ثبت أنه يتناول الحيض والطهر، [فيحمل⁣(⁣٢) المراد به على أن المرأة عليها ثلاثة قروء من الحيض والطهر]⁣(⁣٣).

  قيل له: هذا ساقط من وجهين: أحدهما: أن الآية دلت على أن العدة هي ثلاثة قروء، وما ذكرتموه يوجب أنها أربعة قروء وبعض قرء، وهذا فاسد بالإجماع.

  والوجه الثاني: أن الأمة مجمعة على أن المراد من كل مطلقة أحد القرأين، وأن الجمع بينهما غير مراد، وما ذكرتموه يؤدي إلى خلاف ذلك، فوجب فساده.

  فإن قيل: لا يمتنع أن يقال في قرأين وبعض الثالث: ثلاثة قروء، كما سمى الله تعالى شهرين وبعض الثالث أشهراً بقوله تعالى: {۞اِ۬لْحَجُّ أَشْهُرٞ مَّعْلُومَٰتٞۖ}⁣[البقرة: ١٩٧].

  قيل له: [هذا مجاز، والحقيقة ما ذكرناه.

  والثاني: أنه]⁣(⁣٤) لم يقل: ثلاثة أشهر كما قال: {ثَلَٰثَةَ قُرُوٓءٖۖ} وما ذكرتموه مع ذكر العدد يكون أبعد في المجاز.


(١) في (أ، ج): حمل.

(٢) في (د): فيحتمل.

(٣) ما بين المعقوفين ساقط من (ج).

(٤) ما بين المعقوفين من نسخة.