[مقدمة المؤلف]
  جعفر محمد بن علي # أنه قال: من طلب العلم بلا إسناد فهو كحاطب ليل. وقال: إن في تفسير قوله تعالى: {وَإِنَّهُۥ لَذِكۡرٞ لَّكَ وَلِقَوۡمِكَۖ وَسَوۡفَ تُسۡـَٔلُونَ ٤٤}[الزخرف]، هو: حدثني أبي، عن أبيه، عن جده.
  ولقد نقدنا هذه الأخبار المروية عن رسول الله ÷ نقد الدراهم، وميزنا صحيحها من سقيمها بعون الله تعالى ومَنِّه(١).
(١) قال الإمام الحجة مجدالدين بن محمد المؤيدي # في كتابه لوامع الأنوار رداً على من شكك في خطبة شرح التجريد ما لفظه:
قلت: وقع التشكيك من بعض الناظرين في الخطبة بما معناه: أنه # روى في شرحه هذا عن غير هذه الطرق. والجواب والله الموفق للصواب من أوجه:
منها: أنه أراد # أن ما أورده للاحتجاج من هذه الطرق فهذا سنده.
ومنها: أن الذي يرويه عن أمير المؤمنين - رضوان الله عليه - قد ثبت له من هذه الطرق.
ومنها: أنه لعله # أراد أن يسوق الأخبار المحتج بها من هذه الطرق، ثم منع من ذلك مانع؛ كما أنه قد ذكر فيما سبق أنه سيفرد لها - إن يسر الله - كتاباً، والمقصود التي احتج بها # كما أشار إليه بقوله: المحتج بها في كتابنا هذا؛ ليخرج ما ضعفه أو رواه غير معتمد عليه، وإنما هو شاهد أو إلزام للمنازع؛ وإن استبعد هذا فلا قطع بعدمه، فهو ممكن الوقوع قطعاً، لا مانع منه، ولا استحالة فيه لا لذاته ولا لغيره، لا عقلاً ولا شرعاً.
وأيضاً فقد دلّ عليه كلام الإمام # حيث قال: فلو روينا الخبر المتصل عن رسول الله ÷ من جميع الجهات، على ألسن الرواة الذين اتسق سندهم إلينا ولم يضطرب عندنا ولدينا.
إلى قوله #: لخرجنا عن طريقة ما أوردناه.
ثم أفاد أنه لا يروي الخبر حتى يعلمه صحيحاً عن جماعة من الرواة، ويتحققه مسنداً عن الثقات؛ فهذا تصريحه في الخطبة نفسها كما ترى.
وعلى الجملة فهذه الخطبة الكريمة قد ثبتت برواية الثقات من أعلام آل محمد ÷ وعلماء شيعتهم ¤، كالإمام المتوكل على الله - وقد سبق كلامه - والإمام المنصور بالله القاسم بن محمد، والسيد الإمام إبراهيم بن القاسم، صاحب طبقات الزيدية؛ والقاضي العلامة الحواري أحمد بن سعد الدين المسوري.
ولم يزل أئمتنا وأشياعهم ¤ يتلقونها خلفاً عن سلف، ويتداولون أسانيدها العلية، ويسمونها بمسلسل مذهب العترة النبوية، وهذا واضح البيان لناظريه، لائح البرهان لمقتفيه، فأما العناد فلا حيلة فيه؛ والله الموفق للسداد، والهادي إلى سبيل الرشاد، وبه الاستعانة في كل إصدار وإيراد.