باب القول في العدة
  فإنها تستأنف العدة بالحيض أن(١) الله تعالى جعل لها الاعتداد بالشهور بشرط ألا تكون من ذوات الحيض، ألا ترى إلى قوله تعالى: {وَالَّٰٓئِے يَئِسْنَ مِنَ اَ۬لْمَحِيضِ مِن نِّسَآئِكُمْ ...} الآية [الطلاق: ٤]؟ فلما حاضت هذه صارت ذات حيض، وانتفى الشرط الذي معه جعل الله سبحانه وتعالى لها الاعتداد بالشهور، وصارت مخاطبة بالاعتداد بالأقراء؛ لقول الله سبحانه: {۞وَالْمُطَلَّقَٰتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَٰثَةَ قُرُوٓءٖۖ}[البقرة: ٢٢٨] فلذلك قلنا: إنها تستأنف الاعتداد بالحيض.
  فأما إذا حاضت بعد مضي ثلاثة أشهر فقد مضت عدتها؛ لأنها قد استوفت كمال عدتها وهي من اللائي لم يحضن، فلم يكن عليها غير ما أتت به.
  فأما قولنا: إذا كانت من ذوات الحيض ثم انقطع حيضها لعارض(٢) فهي تعتد إلى أن تيأس ثم تعتد بعد ذلك ثلاثة أشهر، وهو(٣) قول عامة الفقهاء وإن اختلفوا في حد الإياس. وروي نحوه عن عثمان وزيد بن ثابت، ذكره أبو بكر الجصاص في شرح المختصر(٤)، قال: وروي عن عمر وابن عباس أنها تمكث تسعة أشهر، فإن لم تحض اعتدت ثلاثة أشهر، قال: وهو قول مالك.
  وروى هناد بإسناده نحو ذلك عن عمر.
  وما ذهبنا إليه قول أمير المؤمنين #، رواه زيد بن علي عن أبيه عن جده عن علي $(٥). وروى نحوه هناد بإسناده عن الزهري عن علي # وزيد بن ثابت.
  والذي يدل على صحة ما ذهبنا إليه: قول الله تعالى: {۞وَالْمُطَلَّقَٰتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَٰثَةَ قُرُوٓءٖۖ}[البقرة: ٢٢٨] فأوجب على المطلقات كلهن التربص حتى
(١) في (ج): لأن.
(٢) «لعارض» ساقط من (أ).
(٣) كذا في المخطوطات. ولعلها: فهو.
(٤) شرح مختصر الطحاوي (٥/ ٢٣٥).
(٥) مجموع الإمام زيد بن علي @ (٢٢١).