شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الطلاق

صفحة 357 - الجزء 3

  يمضي عليهن ثلاثة قروء إلا من خصته الدلالة منهن، والدلالة خصت الحبلى والتي لم يدخل بها والتي لم تبلغ المحيض والتي قد أيست، والتي اختلفنا فيها ليست واحدة من الأربع، فوجب بحكم الظاهر عليها التربص حتى يمضي عليها ثلاثة قروء أو تيأس فتعتد بثلاثة⁣(⁣١) أشهر.

  فإن قيل: ما تنكرون على من قال لكم: إنها إذا مر عليها الزمان الذي ذكرناه من غير أن تحيض فيه تكون آيسة منه؟

  قيل له: هذا لا يقتضي الإياس؛ لأنها تجوز بل تطمع في ارتفاع العارض وعود المحيض إلى أن تبلغ السن التي معها تيأس.

  فإن قيل: لما قال الله تعالى: {وَالَّٰٓئِے يَئِسْنَ مِنَ اَ۬لْمَحِيضِ مِن نِّسَآئِكُمْ إِنِ اِ۪رْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَٰثَةُ أَشْهُرٖ}⁣[الطلاق: ٤] نقلهن [عند الارتياب]⁣(⁣٢) إلى الاعتداد بالشهور.

  قيل له: الارتياب المذكور في الآية لا ظاهر له، فلا يصح التعلق به؛ لأنه يحتمل أن يكون المراد إن ارتبتم في الحبل، ويجوز أن يكون المراد في معاودة حيضها، ويجوز أن يكون المراد ما روي في التفسير عن ابن مسعود وغيره أن معناه إن ارتبتم في حكمهن الذي يلزمهن، وهذا هو الأولى؛ لأنه المروي، ولأن الإياس لا يجامع الوجهين الأولين؛ لأن الآيسة لا يرتاب⁣(⁣٣) في أنها تحبل ولا في أنها تحيض، وإذا كان هذا هكذا سقط التعلق به.

  ويدل على ذلك أيضاً: ما أجمعنا عليه من أنها إذا انقطع حيضها لا يجوز لها الاعتداد بالشهور قبل مضي تسعة أشهر، فكذلك بعدها، والعلة أنها ذات حيض لم تبلغ الإياس.


(١) في (أ): ثلاثة.

(٢) ما بين المعقوفين من شرح مختصر الطحاوي (٥/ ٢٣٦).

(٣) لأن اليأس لا يكون مع الارتياب في الحبل أو الحيض لأنه ضده.