كتاب الطلاق
  حدثنا يونس، قال: أخبرنا سفيان، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، عن النبي ÷ قال: «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق(١) ثلاثة أيام، إلا على زوجها فإنها تحد عليه أربعة أشهر وعشراً»(٢).
  وأخبرنا أبو بكر المقري، قال: حدثنا الطحاوي، قال: حدثنا علي بن شيبة، قال: حدثنا عبدالله بن أبي بكر السهمي، قال: حدثنا سعيد بن أبي عروبة، عن أيوب، عن نافع، عن صفية بنت أبي عبيد، عن بعض أزواج النبي ÷ - وهي أم سلمة - [عن النبي ÷](٣) مثل ذلك. وروى نحوه عن أم حبيبة عن النبي ÷.
  ففي هذا أن المتوفى عنها زوجها تحد أربعة أشهر وعشراً، وذلك لا يكون إلا مع العلم بوفاة الزوج، فبان أن الحداد من يوم يبلغها الخبر، وإذا ثبت ذلك في الحداد ثبت في الاعتداد؛ إذ لا(٤) إحداد إلا في العدة.
  ومما يدل على ذلك ما أجمعنا عليه من أنها إذا علمت بالوفاة حين الوفاة لزمها أن تحد أربعة أشهر وعشراً، فكذلك إذا علمت بعد وفاته بزمان، والعلة أنها مكلفة توفي عنها زوجها فلزمها أن تعتد وتحد أربعة أشهر وعشراً.
  فإن قيل: إذا ثبت أن الصغيرة والمجنونة تنقضي عدتهما وإن لم يحصل لهما العلم بوفاة أزواجهما فما أنكرتم أن يكون ذلك سبيل المغيبة؟
  قيل له: الصغيرة والمجنونة لا تكليف عليهما، فلم يجز أن يكون عليهما تكليف العدة، والبالغة العاقلة مكلفة، فكان ردها إلى المكلفات أولى بها من ردها إلى اللواتي لا تكليف عليهن.
(١) في (أ، ج): أكثر من.
(٢) شرح معاني الآثار (٣/ ٧٥).
(٣) ما بين المعقوفين من شرح معاني الآثار (٣/ ٧٦).
(٤) في (أ): ولا.