شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في العدة

صفحة 359 - الجزء 3

  يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٖ وَعَشْراٗۖ}⁣[البقرة: ٢٣٤] فأوجب على كل من توفي عنها زوجها أن تعتد أربعة أشهر وعشراً، فالقول بخلاف ما نذهب إليه يؤدي إلى أن تكون التي يبلغها نعي زوجها بعد مضي أربعة أشهر وعشر من يوم وفاته لا يكون عليها هذا التكليف، والآية قد ألزمت ذلك كل من توفي عنها زوجها، فوجب به صحة ما قلناه.

  فإن قيل: ما أنكرتم أن تكون كلفت ذلك من حين وفاة زوجها؟

  قيل له: ذلك لا يصح؛ لأنه جار مجرى تكليف مالا يطاق، بل هو أبعد؛ لأنه لا يجوز عند المجبرة أيضاً؛ لأنه لا يمكنها امتثال المأمور به مع أنه لا علم لها به ولا تتمكن من العلم به⁣(⁣١).

  فإن قيل: فما تقولون في الصغيرة والمجنونة، أليس عليهما العدة وإن لم تكونا عالمتين بوفاة الزوج؟

  قيل له: لا نقول: إنهما يلزمهما التكليف في ذلك وإنهما مرادتان بالآية، وإنما نقول: إنهما ممنوعتان بوفاة الزوج من عقد النكاح عليهما للإجماع، فأما أن تكون الآية قد تناولتهما فلا؛ لأن الآية تضمنت التكليف، وهما لا تكليف عليهما.

  فإن قيل: فما تقولون في المطلقة، هل تقولون: إنها تعتد من حين يبلغها الخبر، أو تقولون: إنها تعتد من يوم وقع الطلاق؟

  قيل له: هذا غير منصوص عليه، وإن كان الأقرب على المذهب أنها تعتد من يوم يبلغها الخبر، سيما وقد روي عن أمير المؤمنين علي #، رواه هناد بإسناده عنه # وعن الحسن، وقد ذكر أبو العباس الحسني | في مسائل الخلاف أن المطلقة تعتد من يوم يبلغها الخبر.

  ويدل على ذلك ما أخبرنا به أبو بكر المقري، قال: حدثنا الطحاوي، قال:


(١) كذا في المخطوطات.