باب القول في العدة
  إلى وجوبها على من توفى عنها زوجها وإن كان الزوج قد انقطعت حقوقه؟
  على أن المطلقة ثلاثاً قد انقطعت عنها حقوق زوجها ومع هذا تلزمها العدة. على أن ما ذهبنا إليه يوجب عبادة وحظراً واحتياطاً، فهو أولى.
  ويوضح ذلك ويدل عليه: ما روي أن عكرمة بن أبي جهل هرب من مكة وهو مشرك، فأسلمت امرأته، ثم رجع وهي بعد في العدة، فرجع إليها بالنكاح [الأول](١)، وكذلك روي في صفوان، فدل ذلك على أن كونها في دار الإسلام مع كون زوجها حربياً في دار الحرب لا يوجب سقوط العدة عنها.
مسألة: [في إحداد المتوفى عنها زوجها ومكان عدتها]
  قال: ولا يجوز للمتوفى عنها زوجها أن تختضب، ولا أن تتطيب، ولا أن تلبس ثوباً مصبوغاً، ولا أن تمتشط مشطاً حسناً، ولا تسافر سفراً، ولا تكتحل إلا أن تضطر إليه، وتعتد حيث شاءت.
  وجميعه منصوص عليه في الأحكام(٢).
  أما ما ذكرناه من إيجاب الحداد على المتوفى عنها زوجها فهو قول العلماء، لا نحفظ فيه خلافاً، وحكي عن الحسن أنه كان يذهب إلى أنه مباح غير واجب.
  وقد روى ابن أبي شيبة عن يحيى بن سعيد، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس قال: كان ينهى المتوفى عنها [عن الطيب والزينة. وروى عن ابن نمير، عن عبدالله، عن نافع، عن ابن عمر قال: المتوفى عنها](٣) زوجها لا تكتحل، ولا تختضب، ولا تتطيب، ولا تلبس إلا ثوب عصب(٤).
(١) ما بين المعقوفين من (د).
(٢) الأحكام (١/ ٣٧٧).
(٣) ما بين المعقوفين من مصنف ابن أبي شيبة (٤/ ١٦٥) مع تصرف يسير.
(٤) العصْب: برود يمنية يعصب غزلها، أي: يجمع ويشد ثم يصبغ وينسج فيأتي موشياً لبقاء ما عصب منه أبيض لم يأخذه صبغ. وقيل: هي برود مخططة. والعصب: الفتل. والعصاب: الغزال، فيكون النهي للمعتدة عما صبغ بعد النسج. (نهاية ٣/ ٢٤٥).