باب القول في العدة
  والدخول هو الوطء، والخلوة تعلقت بمن يصلح للجماع على ما بيناه في كتاب النكاح، فإذا خلا بها وهي لا تصلح للجماع لم يكن لتلك الخلوة حكم؛ فلم يجب أن يحكم بوجوب العدة؛ إذ هي كأنها لم يخل زوجها بها حكماً.
  ووجه الاستحباب: أنه(١) قد استحل منها ما هو محرم على غيره من الخلوة بها، فشابه حكمها حكم التي تصلح للجماع، فلم يستحب تزويجها إلا بعد انقضاء العدة، وهذا يجب أن يكون في التي يشتهى مثلها دون من لها أشهر أو سنة أو سنتان؛ لأن مثلها لا يحرم النظر إلى جسدها ولا الخلوة بها، وإنما يحرم ذلك ممن يشتهى مثلها.
  وقلنا: إن عدة المختلعة كعدة سائر المطلقات لأن المختلعة عندنا مطلقة؛ إذ قد دللنا على أن الخلع طلاق، وقال الله تعالى: {۞وَالْمُطَلَّقَٰتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَٰثَةَ قُرُوٓءٖۖ}[البقرة: ٢٢٨] على أني لا أحفظ فيه خلافاً.
مسألة: [في عدة أم الولد إذا أعتقها سيدها أو مات]
  قال: ولو أن رجلاً أعتق أم ولده أو مات عنها استبرأ رحمها بحيضتين، والثلاث أولى أن تعتد بها إن كان مات عنها، فإن كان أعتقها ثم تزوجها ثم مات عنها كانت عدتها كعدة غيرها من النساء.
  وهذا منصوص عليه في الأحكام(٢).
  وتحصيل المذهب: أن عدتها الواجبة بالعتق أو الوفاة: حيضتان. وحكى أبو العباس الحسني | مثل هذا القول عن مكحول. وأبو حنيفة يجعلها ثلاث حيض، والشافعي يجعلها حيضة واحدة.
  ووجه ما ذهبنا إليه: أنه قد ثبت أن عدتها جارية مجرى الاستبراء دون العدد، وقد ثبت أن الاستبراء يكون بحيضتين: حيضة للبائع، وحيضة للمشتري، وهذا
(١) في (أ، ج): أنها.
(٢) الأحكام (١/ ٤٢٢).