باب القول في الظهار
[المسألة الثانية: أنه لا يكون مظاهراً إلا بأن ينويه]
  وأما المسألة الثانية فهي أنه لا يكون مظاهراً إلا بأن ينويه، وما ذكرناه من الدلالة على أنه لا يكون مطلِّقاً إلا بالنية يدل على أنه لا يكون مظاهراً إلا بالنية، وكذلك اتفاقهم على أنه لا يكون مظاهراً إذا ذكر كنايات الظهار كقوله: «أنت عليَّ كأمي» إلا بالنية يدل على ما ذكرناه، وقد بينا الطريقة فيه في مسألة نية الطلاق واستقصيناه، فلا وجه لإعادته.
المسألة الثالثة: [أن وجوب الكفارة يتعلق بإرادة المماسة]
  وأما القول بأن وجوب الكفارة يتعلق بإرادة المماسة، وأن قول الله تعالى: {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُواْ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٖ}[المجادلة: ٣] متأول عليه - فهو قول أبي حنيفة وأصحابه، وحكي نحوه عن الحسن وقتادة وسعيد بن جبير، وكذلك روي عن ابن عباس.
  وأخبرنا أبو العباس الحسني، قال: أخبرنا إسحاق بن إبراهيم بن علي، قال: حدثنا علي بن الهيثم، عن المسيب بن شريك، عن ثابت بن ضمرة اليماني(١)، عن عكرمة، عن ابن عباس في قوله تعالى: {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُواْ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٖ} قال: يريد أن يجامعها قبل أن يكفر.
  وقال الشافعي: هو أن يمسكها بعد القول زماناً يمكنه تحريمها بالطلاق، وتحصيله أن لا يطلقها عقيب القول مع التمكن.
  وحكي عن مجاهد أنه تأول العود على نفس اللفظ، وقال: إن المراد به العود إلى ما نهي عنه مما كانوا يقولونه في الجاهلية.
  وحكي عن مالك أن العود هو الوطء.
  وحكي عن داود أنه حمله على إعادة القول مرة أخرى.
(١) في (ج): الثمالي.