شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الظهار

صفحة 385 - الجزء 3

  يهدى إلى قوم قد اجتمعوا على المعاقرة والعزف الأبقال⁣(⁣١) والفواكه وآلات الشرب، وكذلك لا قربة في أن يهدى إلى الزواني اللواتي شغلن أنفسهن بالزنا الطيب⁣(⁣٢) والمصبغات وآلات الزينة، والعلة في جميع ذلك أنه إحسان إلى من يغلب في الظن أنه يستعين به على الفسق أو الكفر، فوجب ألا تكون⁣(⁣٣) في عتق الكافر الذي يغلب في الظن أنه يستعين بعتقه على الكفر.

  فإن قيل: ومن أين غلب ذلك في الظن؟

  قيل له: تفرض⁣(⁣٤) المسألة في عبد كافر يغلب في الظن أنه يستعين بعتقه إن حصل على كفره، فإذا ثبت ذلك فلم يفصل أحد بينه وبين سائر العبيد الكفار.

  ومما يدل على ذلك أنه لا خلاف بيننا وبين أبي حنيفة أن عتق الكافر لا يجزئ في كفارة القتل، فكذلك في سائر الكفارات، والعلة أنه عتق للكفارة.

  ويؤيد ما ذهبنا إليه: أنه احتياط في أداء الواجب، وحسن نظر لأرقاء المسلمين، وتفرقة بين أصحاب النار وأصحاب الجنة، وفيه دعاء للأرقاء إلى الإسلام، وتنفير لهم عن الكفر.

  فأما قولهم: إن هذا زيادة في النص فلا يجوز إثباته قياساً فهو عندنا غير صحيح؛ لأنا نخالفهم في أصل ما ادعوه. وربما قالوا أيضاً: لا يجوز حمل المطلق على المقيد قياساً، وهذا عندنا أيضاً فاسد كالأول، فلا معنى له.

  وإنما قلنا: إن عتق الطفل والمجنون وذي العاهة يجزئ لعموم قوله تعالى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٖ}، واسم الرقبة يتناول الجميع، فوجب أن يجزي. وسائر ما منعنا به من إجزاء عتق الكافر لا يمكن أن يقال في هذا الموضع. وقوله ÷:


(١) في (أ، ج): والابقال.

(٢) في (أ، ج): والطيب.

(٣) أي: القربة.

(٤) في (أ): تقدير.