شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الظهار

صفحة 386 - الجزء 3

  «أعتقها فإنها مؤمنة» يدل على أنه لم يراع فيها العاهات التي هي العمى والشلل ونحوهما، فدل ذلك على ما قلناه. على أنه لا خلاف بيننا وبين أبي حنيفة أن الأعور يجزئ، وكذلك من قطعت يده ورجله من خلاف، فكذلك سائر ما ذكرناه، والعلة أن اسم الرقبة يتناوله. على أن الشافعي يوافقنا في الأخرس والأصم والأحمق والضعيف البطش والأعور، وإن كان لا يجيز من قطعت يده أو رجله، فليس لأحد أن يعترض علينا بنقصان الثمن؛ لأن جميع ذلك يفسد اعتراضه، وكذلك من منع من ذلك بفوات المنفعة فإن الذي ذكرناه يعترضه.

  فإن قال: راعى فوات أكثر المنفعة كان كثيرها مقيساً على قليلها. ولا يمكن أن يرد ذلك إلى الأضحية؛ لأن الغرض بالأضحية نفع غير المضحَّى به، والغرض في العتق نفع المعتق، والمعتق على أي حالة كان فنفع العتق حاصل له.

  على أن ذا العاهة إلى رفع الرق عنه أحوج من الصحيح، فوجب ألا يكون ذلك سبباً مانعاً من الإجزاء. على أنه لا خلاف أن نفع الإطعام في كفارة الظهار جائز صرفه إلى أولي العاهة من المسلمين، فكذلك نفع العتق، والمعنى أنهم من أهل الإسلام، وهذا يوجب إجازة عتق المكفوف والأشل.

  وإذا ثبت ذلك فلم يفصل أحد بينه وبين المجنون والطفل ولم يحكم⁣(⁣١) لهما بالإسلام.

  وقلنا: إن الأفضل أن تكون الرقبة بالغاً مسلماً سليماً لأنه لا خلاف فيه، ولأنه عتق يجزئ بالإجماع فكان أولى، ولأن الإحسان إلى من يكون مسلماً على الحقيقة أفضل من الإحسان إلى غيره.


(١) ظنن في نسخة بـ: وإن لم.