شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الظهار

صفحة 389 - الجزء 3

  وفي الآية ما يدل على أنه كان مظاهراً بالأم على ما أوضحنا القول فيه.

  ومما يدل على ذلك أنه لا خلاف في أن من ظاهر بالأب لا يكون مظاهراً، وكذلك من ظاهر بامرأة أجنبية، فوجب ألا يكون مظاهراً إذا ظاهر باللواتي اختلفنا فيهن، والعلة أنه ظاهر بغير الأم. يبين ذلك أنه لو ظاهر منها بغير الظهر نحو أن يظاهر ببطنها أو بفرجها كان مظاهراً بالإجماع، وكذلك إن ظاهر بأي بعض من أبعاضها كان مظاهراً عندنا وعند الشافعي، فدل ذلك على أن الحكم تعلق بالظهار بالأم.

  يؤكد ذلك ويوضحه: أن الظهار المعروف كان بالأم، وهو الذي كانت الجاهلية تعده طلاقاً، ثم ورد النسخ به⁣(⁣١) وعلق عليه حكم الكفارة، فوجب أن يكون حكم الكفارة مقصوراً عليه.

  فإن قيل: إذا كان عندكم أن الرجل يكون مظاهراً به إذا قاله ونوى به الظهار⁣(⁣٢) فما الفرق بين الظهار والطلاق؟

  قيل له: الفرق بين الظهار والطلاق أن الطلاق يحصل بكل تحريم ينوي به الطلاق، وليس كذلك الظهار، ألا ترى أنه لا يقع الظهار بالأجنبية وبالأم من الرضاعة، وأحد قولي الشافعي أنه لا يقع بذات رحم محرم لم تكن حرمتها متأبدة، فلم يجب أن يكون حكم الطلاق في هذا الباب حكم الظهار.


(١) ظنن في (د) بـ: له.

(٢) لعل صواب العبارة أن يقال: إذا كان عندكم أن الرجل يكون مطلقاً به إذا قاله ونوى به الطلاق فما الفرق ... إلخ، ولفظ تعليق ابن أبي الفوارس: ويفارق ما قلناه في الأخت أنه لو قال لها: أنت علي كظهر أختي ونوى به الطلاق كان مطلقاً وإن لم يكن بذلك مظاهراً؛ لأن الطلاق يحصل بكل تحريم ينوي به الطلاق، كقوله: خلية وبرية وسائبة وما أشبهها، وليس كذلك الظهار؛ لأنه لا يصح عندنا إلا بالأم وبلفظ يختص الظهار.