شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الإيلاء

صفحة 398 - الجزء 3

باب القول في الإيلاء

  إذا آلى الرجل من امرأته - وهو أن يحلف بالله تعالى ألا يجامعها أربعة أشهر فما فوقها - ترك أربعة أشهر، ثم وقفه الإمام وقال له: فء إلى زوجتك وكفر عن يمينك أو طلقها.

  وهذا منصوص عليه في الأحكام⁣(⁣١).

  لا خلاف أنه إذا حلف ألا يجامعها أكثر من أربعة أشهر يكون مولياً، وإذا حلف ألا يجامع امرأته أقل من أربعة أشهر لا يكون مولياً، إلا ما حكي عن قوم من المتقدمين أنهم جعلوا الإيلاء صحيحاً وإن كان بدون أربعة أشهر⁣(⁣٢).

  وإنما الخلاف الآن إذا حلف على أربعة أشهر فقط، فإن أبا حنيفة يجعله مولياً، والشافعي يخالف فيه، وكذلك مالك.

  والذي يدل على أنه مول قوله تعالى: {لِّلذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٖۖ}⁣[البقرة: ٢٢٦] فجعل سبحانه هذه الأحكام جارية على كل مول من امرأته من غير اشتراط المدة، فوجب أن يكون كل حالف داخلاً فيه قلت مدة حلفه أم كثرت إلا ما منعه الدليل؛ لأن الألية في اللغة هي: الحلف، فكل حالف مول، فلما ثبت أن من حلف ألا يجامعها أقل من أربعة أشهر ليس بمول حكماً خصصناه للدلالة، وبقي الباقي على حكم العموم.

  فإن قيل: الإيلاء وإن كان في اللغة على ما ذكرتم فإن الشرع قد أكسبه حكماً وصفة لم تكن في اللغة، فمن أين لكم أن الحالف على دون أربعة أشهر يكون مولياً حتى يصح ما ادعيتم من تناول الظاهر له؟

  قيل له: الشرع وإن جعل له حكماً زائداً فلم يمنع أن يكون اسماً لكل حلف، فالواجب على هذا أن يعتبر ما يقتضيه الشرع، والشرع لم يقصره على مدة دون


(١) الأحكام (١/ ٣٨٧).

(٢) انظر مصنف ابن أبي شيبة (٤/ ١٣٠، ١٣١).