شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الظهار

صفحة 402 - الجزء 3

  عَزَمُواْ اُ۬لطَّلَٰقَ فَإِنَّ اَ۬للَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٞۖ ٢٢٥}⁣[البقرة] يدل ظاهره على أن هناك مسموعاً يتعلق به الحكم، وهذا يدل على أنه لا بد من الطلاق إن لم يكن فيء.

  فإن قيل: إن هذا لا يجب؛ لأن الله تعالى قال: {وَقَٰتِلُواْ فِے سَبِيلِ اِ۬للَّهِ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اَ۬للَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٞۖ ٢٤٢}⁣[البقرة] وليس هناك مسموع يتعلق به الحكم.

  قيل له: نحن قلنا: إن الظاهر يقتضي ما قلناه، ولم نقل: إن خلافه يستحيل، ألا ترى أن قول من يقول: «أما علمت أن فلاناً يسمع» يدل على أن هناك مسموعاً، وقوله: «أما علمت أن فلاناً يرى» يدل على أن هناك مرئياً؟

  على أن الله تعالى قال: {إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةٗ فَاثْبُتُواْ}⁣[الأنفال: ٤٥] وقال أيضاً: {وَلَا تَنَٰزَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْۖ}⁣[الأنفال: ٤٦] فقد صح أن عند القتال مسموعاً يتعلق به الأمر، ومسموعاً يتعلق به النهي، فسقط⁣(⁣١) ما سألوا عنه.

  ومما يدل على ذلك: ما أجمعنا عليه من أن من آلى من امرأته دون أربعة أشهر لا يقع عليها الطلاق بالإيلاء وانقضاء المدة، فكذلك من آلى أربعة أشهر⁣(⁣٢)، والعلة أنه مول، وكل مول لا يقع طلاقه بالإيلاء وانقضاء المدة.

  وليس لهم أن يمتنعوا من إجراء سمة المولي على من آلى دون أربعة أشهر؛ لأنا أردنا المولي من طريق اللغة، ولا إشكال أن الألية في اللغة اسم للحلف، وأن كل حالف مول في اللغة، على أنا لو عدلنا عن اسم المولي إلى اللغة⁣(⁣٣) لاتسق الكلام وزال الشغب.

  وأيضاً لما ثبت أن الإيلاء لا يقع به طلاق معجل لم يجز أن يقع به طلاق مؤجل قياساً على سائر الأيمان، وعلى سائر ما ليس بصريح في الطلاق ولا كناية.

  على أن الطلاق لو وقع لم يكن الموجب لإيقاعه إلا اليمين نفسها أو انقضاء المدة المحلوف عليها أو انقضاء أربعة أشهر، ولا يجوز أن يكون الموجب لإيقاعه


(١) في (أ): فيسقط.

(٢) في (أ): من الأربعة الأشهر. وفي (ج): من الأربعة أشهر. وفي (د): من آلى أربعة الأشهر.

(٣) كذا في المخطوطات.