شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الإيلاء

صفحة 407 - الجزء 3

  وهذا منصوص عليه في الأحكام⁣(⁣١)، ونص فيه أيضاً على أنه إن كان آلى منها عشرة أشهر كان القول فيها في هذا الباب كالقول إذا آلى أربعة أشهر.

  ووجه ما ذكرناه: أن حكم الإيلاء يقوى مع بقاء مدة اليمين، فلهذا قال: إنه إذا قدر على الجماع بعد الفيء باللسان في المدة لزمه الجماع ولم يجز تأخيره، وأنه بتأخيره يكون مبطلاً للفيء الذي أتى به بلسانه، ألا ترى أن التيمم لما قام مقام الماء عند الضرورة كان التمكن من الماء يبطل حكم التيمم؟ ألا ترى أنه لو تمكن من الماء بآخر وقت الصلاة لم يجز له تأخير الوضوء؛ لتأكد حال وجوبها في الوقت؟ وكذلك قال أصحابنا: إن الخطأ في القبلة وما جرى مجراها يوجب الإعادة متى علم به في الوقت، ولا يوجب الإعادة متى لم يعلم به إلا بعد تصرم الوقت؛ لما كان تأكد وجوبها في الوقت أقوى. وأما بعد انقضاء مدة اليمين فيجب أن يكون حكم الإيلاء أخف؛ فلذلك أجزنا تأخير الوطء إذا قدر عليه بعدما فاء بلسانه لتعذر الوطء. على أن ما ذهبنا إليه من أنه لا يجوز له تأخير الوطء في مدة اليمين إذا قدر عليه بعد الفيء بلسانه مما لا خلاف فيه.

  فإن قيل: فلم قلتم: إن حكم الإيلاء مع بقاء مدة اليمين أقوى؟

  قيل له: لوجهين: أحدهما: أن بقاء حكم الإيلاء مما أجمع عليه قبل مضي أربعة أشهر، وأجمع القائلون بالوقف عليه بعد انقضاء أربعة أشهر، فصار أقوى.

  والثاني: أن الإيلاء في الأصل تعلق حكمه بالحنث ووجوب الكفارة وإن قلنا نحن: إنه قد يحصل حكمه مع ارتفاع حكم الحنث ووجوب الكفارة إلا أنه فرع على ذلك الأصل، فالأصل إذاً يجب أن يكون أقوى.


(١) الأحكام (١/ ٣٨٨).