شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في اللعان

صفحة 428 - الجزء 3

  أجل أنهما يتفرقان من غير طلاق ولا متوفى عنها زوجها⁣(⁣١). فقد صرح بأن النبي ÷ قضى أن تفريقهما⁣(⁣٢) من غير طلاق، فيجب أن يكون فسخاً.

  فإن قيل: ذلك قول ابن عباس، ولم يضفه إلى النبي ÷، وإنما أضاف إليه أنه قضى ألا بيت لها ولا قوت، و [ما] بعد ذلك أدرجه ابن عباس في الحديث.

  قيل له: ليس ذلك على ما قدرت؛ لأنه أخبر أن النبي ÷ قضى بذلك من أجل أنهما يتفرقان من غير طلاق، وأخبر عما له قضى بذلك رسول الله ÷، فيجب أن يكون قد عرف ذلك من قضاء رسول الله ÷، وألا يكون قال ذلك برأيه، ألا ترى أنه لو قال: «سجد رسول الله ÷ لأنه سها» لم يجب⁣(⁣٣) أن يحمل ذلك على أن قوله: «لأنه سها» قاله برأيه؟ وكذلك لو قال: «قضى لأن شاهداً واحداً شهد وحلف المدعي» لم يجز أن يحمل ذلك على أنه قاله برأيه؟ فكذلك قوله في هذا الموضع.

  على أنه لو كان قاله برأيه أيضاً لوجب أن يكون حجة؛ لأنه لم يحفظ عن أحد من الصحابة خلافه، فجرى مجرى إجماعهم.

  وأيضاً هي فرقة تقع من غير اختيار الزوج، فوجب أن تكون فسخاً؛ دليله سائر الفسوخ. يؤكد ذلك: أن التحريم الواقع باللعان قد يتأبد على وجه من الوجوه، ولا خلاف أن التحريم الواقع باللعان قد⁣(⁣٤) يتأبد؛ لأن الزوج لم يكذب نفسه، [ولا خلاف أن التحريم متأبد]⁣(⁣٥) فبان بذلك أنه تحريم الفسخ دون تحريم الطلاق.


(١) أخرجه أبو داود كما تقدم.

(٢) في (د): تفرقهما.

(٣) كذا في المخطوطات، هنا: لم يجب. وفي الثانية: لم يجز.

(٤) «قد» ساقط من (ج).

(٥) ما بين المعقوفين ساقط من (ج).