شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في نفقة الزوجات

صفحة 456 - الجزء 3

  الشعبي عن علي # وعبدالله بن مسعود أنهما أوجبا النفقة للحامل المتوفى عنها زوجها، وروى نحوه عن شريح⁣(⁣١).

  والدليل على صحة ما ذهبنا إليه: ما أخبرنا به أبو العباس الحسني |، قال: حدثنا محمد بن علي بن شروشان، قال: حدثنا أبو حاتم الرازي، قال: حدثنا أبو صالح كاتب الليث، عن معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في قول الله تعالى: {وَالذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَٰجاٗ وَصِيَّةٞ لِّأَزْوَٰجِهِم مَّتَٰعاً إِلَي اَ۬لْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٖۖ}⁣[البقرة: ٢٤٠] قال: كان الرجل إذا مات وترك امرأته اعتدت سنة في بيته ينفق عليها من ماله، ثم أنزل الله سبحانه: {وَالذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَٰجاٗ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٖ وَعَشْراٗۖ}⁣[البقرة: ٢٣٤] فهذه عدة المتوفى عنها زوجها. فبين أن الآية الأولى أوجبت على المتوفى عنها زوجها اعتداد سنة وأوجب لها النفقة ما دامت في العدة، فلما نسخت المدة بقي وجوب النفقة على ما كان عليه.

  فإن قيل: فقد روي عن عكرمة عن ابن عباس أنه قال في قوله تعالى: {مَّتَٰعاً إِلَي اَ۬لْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٖۖ} نسخ ذلك بآية الميراث⁣(⁣٢).

  قيل له: يجوز أن يكون ذلك قاله لرأي رآه؛ إذ ليس في ظاهر آية الميراث ما يوجب نسخ ما جعل لها من المتاع، وما كان كذلك لم يلزمنا المصير إليه إلا بحجة.

  فإن قيل: فإذا كان المروي عن علي # أنه أوجب النفقة للحامل فكيف أوجبتموها للحائل مع قولكم: إنه لا يجوز أن يخالف؟

  قيل له: ليس فيما روي عنه ما يدل على أنه # لم يكن يوجبها للحائل، وجائز أن يكون سأله سائل عن الحامل إذا توفي عنها زوجها فأفتى بإيجاب النفقة لها، فروى السامع ما سمعه يفتي به، لا أنه # لم يكن يرى إيجابها للحائل.


(١) وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٤/ ١٦٦).

(٢) أخرجه أبو داود (٢/ ١٥٦، ١٥٧) والنسائي (٦/ ٢٠٦).