شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في نفقة الموسر على قريبه المعسر

صفحة 464 - الجزء 3

  ما ذكرناه أولاً هو رواية الأحكام⁣(⁣١).

  ووجهه: أن هذا المعسر له نسيب⁣(⁣٢) وارث ذو يسار، فوجب أن يحكم له بتمام قوته عليه؛ دليله: لو لم يكن له غير هذا الأخ الموسر.

  يؤكد ذلك ويوضحه: أن المراعى فيه ليس هو بتحقيق الإرث؛ لأنا نجوز أن يكون الموسر يموت فيرثه المعسر، أو يموت قبل أخيه الآخر فينتقل كمال الإرث عنه، أو يموت ذلك فينتقل كمال الإرث إليه، وإنما المراعى أن يكون هو في الحال وارثاً لو مات المعسر، فإذا ثبت ذلك لم يجب أن يسقط عنه بعض النفقة لكون غيره في حكمه في معنى الإرث.

  فإن قيل: لو كان ذلك كذلك لوجب أن يلزمه تمام النفقة وإن كان الأخ الآخر موسراً.

  قيل له: هذا لا يلزم؛ لأن الأخ الآخر إذا كان موسراً فليس أحدهما بالإنفاق أولى من الآخر، فوجب أن يستويا فيه. على أنا قد علمنا أن اليسار شرط في لزوم النفقة كالنسب والإرث، فكما أنه لو زال كونه وارثاً بأن يصير محجوباً سقطت عنه النفقة ولزم الوارث تمامها، وكذلك لو قدرناه غير نسيب وإن كان وارثاً موسراً لسقطت عنه ولزم النسيب تمامها، فكذلك إذا فقد اليسار يجب أن تسقط عنه ويلزم تمامها الموسر؛ إذ اليسار كالنسب والإرث في هذا الباب. وأيضاً موضوع النفقة إنما هو لدفع الضرر عن المنفق عليه، فلو لم نحكم له بتمام نفقته لم نكن دفعنا عنه الضرر. وإلزام الأخ الموسر تمام النفقة أذهب في الباب الذي عليه وضعت النفقة من المواساة ودفع الضرر، فوجب أن يكون أولى.

  ووجه رواية المنتخب: أن الأخوين لو كانا موسرين للزم كل واحد منهما


(١) الأحكام (١/ ٤٣٦).

(٢) في (ج): سبب.