كتاب النفقات
  فإن قيل: فإنه ÷ لم يستثن الكبير من الصغير، ومع هذا لا توجبون عليه الإنفاق على الكبير إذا كان واجداً.
  قيل له: الظاهر يقتضي ذلك، لكنا خصصناه بالدلالة.
  وأيضاً هي نفقة تجب على المنفق في حال إعساره ويساره؛ فوجب ألا يسقطها مجرد يسار المنفق عليه؛ دليله نفقة الزوجات.
  فإن قيل: أليس الأب لو كان معسراً وكان للابن مال لم تلزمه نفقته؟ فقد انتقضت العلة.
  قيل له: نحن ذكرنا أن مجرد اليسار لا يسقطها، وفيما سألتم عنه سقطت لانضمام يسار الولد إلى إعسار الوالد، فسقط ما ادعيتموه من النقض.
  وأيضاً الوالد يملك على ولده الصغير عامة تصرفه، فوجب أن تلزمه(١) نفقته وإن كان واجداً؛ دليله الزوجة.
  يكشف ذلك ويوضحه: أنه لا خلاف في أن العبد لو تزوج بحرة لم يلزمه نفقة ولده منها لما لم يملك عليه تصرفه، وكذلك الحر لو تزوج الأمة واسترق ولده منها لم يلزمه نفقته حتى يملك عليه تصرفه، فوضح بذلك أن الحكم تعلق بما ذكرناه.
  وقلنا: إن الوالد إذا كان معسراً وكان الولد موسراً سقطت نفقته لأنه لا خلاف فيه.
  وقلنا: إن للوالد أن ينفق على نفسه وعلى الولد بالمعروف لما بيناه من أن نفقة الوالد إذا كان معسراً تلزم الابن الموسر وإن كان صغيراً.
  وقلنا: إن للأب أن ينفق على نفسه لأنه ولي ابنه الصغير. واشترطنا أن ينفق بالمعروف لأنه الواجب، دون ما زاد عليه، وليس للولي أن يأخذ من مال الصبي إلا ما يجب دون ما زاد عليه؛ لأنه لا ولاية لأحد على الصبي فيما يضره.
(١) في (أ، د): أن لا تلزمه.